وُضع القطار النفطي في البرّ على سكّة التشريع لينضمّ إلى القطار النفطي البحري، إذ بدأت مناقشة مسودة مشروع قانون النفط البري على طاولة اللجنة النيابية الفرعية التي يترأسها النائب جوزف المعلوف، والتي عقدت منذ يومين أولى جلساتها لبحث جميع النقاط من الاستطلاع إلى الاستكشاف، فالإنتاج والنقل والتخزين والتصفية والبيع، وتحديد العائدات النفطية.
من الأمور الأساسية التي استندت إليها اللجنة في الكلام عن موضوع الاستكشاف في البر، نتائج المسوحات الثنائية والثلاثية الأبعاد، التي «أظهرت احتمالات كبيرة لوجود كميات من البترول في عدد من المناطق». وهذه المسوحات تنقسم إلى شقّين: الأول أُجري في مرحلة الستينيات والسبعينيات، والثاني «الدراسات والمسوحات التي قامت بها شركات أميركية وبريطانية ونروجية في السنوات الست الأخيرة». وكانت المسوحات القديمة قد شملت 7 آبار موزعة في منطقة البقاع الغربي (بين بلدتي يحمر وسحمر)، وفي البقاع الشمالي (القاع) ومناطق أخرى، فيما توسّعت المسوحات الجديدة في عدّة مناطق لبنانية من الشمال إلى الجنوب.
وعلى عكس ما قيل عن إمكان دمج مشروع القانون بقانون التنقيب عن النفط والغاز في البحر، أكدت مصادر اللجنة أن «لبترول البرّ قانوناً مستقلّاً عن قانون البحر نظراً إلى بعض الخصوصيات» التي عدّدتها على الشكل الآتي:
ــ أولاً، تختلف نسبة المخاطر بين البرّ والبحر، حيث تكون التحديات المالية والتقنية عالية، كما أن تكاليف الإستثمار أعلى.
ــ ثانياً، يحدّد المشروع مناطق محظورة تشمل القرى ذات الكثافة السكانية، أو المناطق ذات الطابع العسكري.
ــ ثالثاً، مسودة النفط البري تنصّ على إنشاء شركة للنقل والمنشآت والأنابيب لا علاقة لها بالشركة الوطنية.
ــ رابعاً، تتضمّن المسودة موضوع حقوق الفرد في ملكه، إذ يوجد فصل خاص يتعلق بالاستملاك والإشغال المؤقت، وتكريس المبدأ العام الموجود في الاستملاك، أي المنفعة العامة.
تختلف نسبة المخاطر ما بين البرّ والبحر حيث التحديات المالية والتقنية عالية
وتقول مصادر اللجنة إن من الصعب الآن الكشف عن حلول لهذه النقطة، خوفاً من أي ردود فعل، لكن لا يمكن القيام بالنشاطات النفطية إلا بإعلانها أنها ذات منفعة عامة، لأن ما تحت الأرض تملكه الدولة، وليس صاحب الأرض. لكن في المبدأ، نسعى إلى إرساء معادلة تحمي المنفعة العامة وتحترم المادة 15 من الدستور التي تحمي الملكية الخاصة. وفي هذه الحال يمكن صاحب الأرض أن يحصل على البدل والتعويض سريعاً، وحقه بالتقاضي سيكون مصوناً في وجه أصحاب الحقوق النفطية.
ــ خامساً، قد يكون هناك بعض العناصر الجديدة في ما يتعلق بفكرة تقاسم الإنتاج مختلفة عن تلك التي حددت في قانون البحر، ويمكن الدولة أن تكون شريكاً مباشراً مع الشركات الخاصة.
وبحسب المصادر، تحدّد مسودة قانون التنقيب البري شروط المشاركة ودفاتر الشروط، بموجب الاتفاقية النموذجية التي هي اتفاقية الاستكشاف والإنتاج، وبموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء، وتخضع الاتفاقية لموافقة الحكومة والوزير كما حصل في قانون البحر. وترى أن «البترول في البرّ يُمكن أن يستقطب عروضات أكثر، أولاً لأنه أقل كلفة، وثانياً لأن المخاطر فيه أقل، مع ذلك يبقى للشركات أن تدرس الخصائص وتقرّر على أساسها».
في جلستها الأولى ناقشت اللجنة هذه الخصائص من دون حسم أي منها، ولم تدخل بعد في مواد القانون الأساسية التي تتعدّى الـ 80 مادة. وتقول المصادر إنّ أبرزها وأصعبها هي تلك التي تتعلق بنظام الحوكمة والاستثمار. وفيما تحرص اللجنة على عدم الكشف الآن عن مضمونه كاملاً، لأنه سيخضع لتعديلات كثيرة، لفتت إلى أن الحضور النيابي في اللجنة ضعيف ولم يتجاوز الأربعة نواب في الجلسة الأولى، علماً أن عدد أعضائها 11!
سؤال عن أموال «المسح البحري»
تقدّم النائبان جوزف المعلوف ومحمد قباني بسؤال إلى الحكومة للاستفسار عن الأموال التي حصّلتها الدولة من عملية بيع دراسات المسح البحري الذي نفذته شركات أجنبية، ووصلت قيمتها إلى نحو 135 مليون دولار، كانت حصّة الدولة منها 35 مليون دولار، وأودعت في حساب خاص باسم المنشآت النفطية في مصرف لبنان. وقد علمت «الأخبار» أن السؤال وجّه إلى الحكومة بعد التأكد من عمليات سحب جرت من هذا الحساب من دون تحديد وجهة صرفها ولا الآلية التي اتُّبِعَت. ووفق المعلومات فإن الحكومة تأخرت في الردّ على السؤال الذي أرسله المعلوف وقباني، ما اضطرهما إلى إرساله مرة ثانية، وإذا لم يُجَب عليه يُحَوَّل إلى استجواب للحكومة في الهيئة العامة. وكانت «الأخبار» قد أشارت إلى هذا الحساب في تشرين الأول الماضي في تقرير بعنوان «باكورة أموال النفط تائهة بين المالية والطاقة!» (العدد ٣٣٠٦ الثلاثاء ٢٤ تشرين الأول 2017)، ونقلت عن مصادر وزارة المالية آنذاك تأكيدها أن «فتح الحساب يُعدّ تجاوزاً للقانون، إذ كان من المفترض عند إقرار مراسيم النفط الإفصاح عنه وتوضيح كيفية التصرف بحصة الدولة من عمليات البيع، ومعرفة مصادر الأموال الموضوعة في الحساب».