شهدت بداية الأسبوع ارتفاعاً بسيطاً في أسعار النفط في لندن حيث قفز سعر برميل برنت فوق ٥١ دولاراً. وفي السوق الأميركية بلغ سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس اكثر من ٤٩ دولاراً. سبب ذلك تراجع بسيط للمخزون الأميركي وأحداث فنزويلا الدولة الكبرى المنتجة للنفط في منظمة أوبك. وقد بلغ معدل سعر البرنت خلال السنة ٥١.٦٨ دولار في حين انه خلال السنة الماضية كان اقرب الى ٤٠ دولاراً. وعلى رغم العقوبات الأميركية على فنزويلا ورئيسها مادورا فالبلد ما زال ينتج ولو اقل بـ ٢٤٠ ألف برميل بالنسبة الى السنة الماضية. ولكن فنزويلا تعتمد كلياً على استثمارات وقروض ميسرة من الصين التي تمد هذا البلد سنوياً بـ ١٠ بلايين دولار وذلك منذ سنوات. وتسدد ديونها للصين بالنفط. فالأحداث فيها وتدهور اقتصادها لم تؤثر في شكل كبير في السوق النفطية، خصوصًا ان هذه السوق شهدت ارتفاعاً ملموساً في انتاج نفط ليبيا الذي بلغ ١.٢ مليون برميل أي تمت مضاعفته بعدما كان لفترة طويلة بين ٤٠٠ الى ٦٠٠ الف برميل في اليوم. كما ان نيجيريا رفعت انتاجها في شكل ملموس. وتم استثناء الدولتين من اتفاق أوبك لخفض الإنتاج في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بحوالى ١.٨ مليون برميل في اليوم مع دول خارج أوبك.
ما جعل أسعار النفط ترتفع هو تراجع المخزون الأميركي وخصوصاً التزام دول أوبك تخفيض انتاجها. ولكن المخزون الأميركي ما زال أعلى بـ ٩٠ مليون برميل من معدل الخمس سنوات والمخزون في دول منظمة التعاون الاقتصادي oecd ما زال اعلى بـ ٢٥٠ مليون برميل من معدل الخمس سنوات الأخيرة.
وأظهر خالد الفالح وزير النفط السعودي ورئيس أوبك بعض التفاؤل بالنسبة الى نمو الطلب على النفط واصفاً نمو الطلب في أسواق دول التعاون الاقتصادي وخارجها بأنه «صحي» بالنسبة إلى بدء تراجع المخزون النفطي الأميركي. إلا أن دول أوبك وخارج أوبك التي اتفقت في كانون الأول الماضي على خفض انتاجها الذي ساهم في شكل كبير في ارتفاع الأسعار الى مستوى يتراوح بين ٤٩ الى ٥٢ دولاراً عليها ان تبقى يقظة وألا تتراخى اذا تحسن الطلب كما هو متوقع. فالنفط الأميركي سيزيد في شكل كبير خصوصًا ان الرئيس دونالد ترامب انتخب بدعم وتأييد كبيرين من اللوبي النفطي في الولايات المتحدة. ولذا كانت اول خطوة نفذها من وعود حملته هي الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ. فهو مشجع للإنتاج الأميركي بكل اشكاله، الصخري وغيره، وغير مهتم بأي مبدأ بيئي يمنع الإنتاج من أماكن صعبة او إنشاء أنابيب في مناطق مخلة للبيئة. فلا شك في ان سياسة ترامب ستؤدي الى مزيد من الضغط على السوق النفطية العالمية ولو ان شركات النفط الأميركية تحتاج الى ان يبقى سعر النفط في معدلات لا تبتعد عن ٤٩ دولاراً للبرميل ليبقى التنقيب وإنتاج النفط الصخري مجدياً. ولكن كلفة تقنيات انتاج هذا النفط انخفضت في شكل كبير وهي تسير باستمرار الى الانخفاض ما يجعل تزايد الإنتاج الأميركي تحدياً كبيراً في وجه أوبك والدول خارج أوبك التي التزمت تخفيض انتاجها. ولكن مقابل هذا التحدي هناك احتمال حدوث المزيد من التصعيد في أماكن عدة في الدول النفطية من فنزويلا الى ليبيا الى العراق الى دول أخرى لا احد يمكنه استبعادها في ظل ظروف سياسية سيئة في أماكن النفط، ما يجعل من الصعب تكهن سعر النفط في العام المقبل. فأكثر التقديرات تشير الى ان سعر برميل النفط سيبقى على ما هو حالياً بين ٤٨ و ٥٢ دولاراً ولكن أي حادث كبير يمكن ان يغير كل هذه التقديرات لأن الدول النفطية عموماً ليست في وضع سياسي مطمئن وفنزويلا ليست وحدها.