IMLebanon

تصرفات “توتال” تُثير ريبة حزب الله: الإخلال بالوعود سيهزّ المنطقة

حزب الله لأطراف لقاء باريس: التسوية تعني تنازلات متبادلة لا من طرف واحد

قد يبدو كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بذكرى الشهداء القادة من خارج السياق العام الذي يقول ان القوى المعنية بالملف اللبناني تبحث عن تسوية رئاسية وحكومية تُعيد إطلاق العمل المؤسساتي، لكن الملف الأساسي الذي دفع السيد نصر الله لهذا التصعيد لا يتعلق بالمسألة الرئاسية فحسب، ولا بالفوضى الداخلية التي بدأت تلوح بوادرها، بل يتعلق بالملف الغازي والنفطي، بعد ارتفاع أصوات تتهم الحزب بالموافقة على اتفاق ترسيم الحدود مع اسرائيل “مجاناً”.

 

في الملف النفطي، تكشف مصادر متابعة أن تصدير النفط الخام من حقل كاريش أعاد فتح العين على مسار التنقيب في لبنان، فبعد تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجيز”، باتريك بويانيه، نهاية كانون الثاني الماضي خلال الاحتفال بتوقيع كونسورتيوم ثلاثي يضم “قطر للطاقة” و”إيني” و”توتال”، والتي أكد فيها أن “توتال” وهي المعنية بالعمل في الحقل 9، حريصة على بدء العمل في المنطقة “في أقرب وقت ممكن”، وأن حفر الآبار سيبدأ في الربع الثالث من عام 2023، تلقف حزب الله المسألة وبدأ بالبحث في مدى صدقية التصريح، خاصة أن التوقعات التي كانت قائمة يوم توقيع اتفاق الترسيم كانت تُشير الى إمكان أن يكون شهر آذار المقبل هو شهر بدء الحفر أو أقله الاستكشاف، وذلك ما لم يحصل، بل تم الاكتفاء منذ يومين بإجراء المسح البيئي وهو إجراء ضروري لكنه لا يعني شيئاً على صعيد الحفر، بل هو إجراء يتم من خلاله الاستحصال على رخصة للحفر في المنطقة المقصودة.

 

يرتاب حزب الله من تصرفات شركة “توتال” وهي التي وعدت سابقاً يوم توقيع العقد مع الدولة اللبنانية بالعمل في البلوك 9 بمعزل عن الاتفاق مع العدو وأخلّت بوعدها، لذلك وبعدما علم الحزب من المعنيين بأن توتال لم تستأجر بعد سفينة الحفر، وبعد علمه بأن السفينة لكي يتم استئجارها لا تزال تحتاج الى وقت، وهناك من يقدر هذا الوقت بخمسة أشهر على الأقل لكي تصل الى لبنان بحال كان هناك جدية باستئجارها حالياً، وأن التوقيت الذي يتحدث عن الربع الثالث من العام قد لا يُحترم، قرر السيد نصر الله التصعيد المباشر بخطاب مهم في مناسبة لها رمزيتها الكبيرة لدى حزب الله.

 

في السياسة، لا يمكن فصل التهديد الذي ذهب إليه أمين عام حزب الله، بما يتعلق بالداخل والخارج، عن النتائج التي كان قد نقلها سفراء الدول المشاركة في لقاء باريس، حيث كان من الواضح أن هذه الدول، بالإضافة إلى رميها الكرة في ملعب القوى اللبنانية، لوحت بإمكان الذهاب إلى المزيد من الضغوط في الفترة المقبلة، وعندما تتحدث هذه القوى عن ضغوط فلا يكون المقصود فيها حزب الله وبيئته، لأن هذه الدول تعتبر أن إنجاز التسوية الرئاسية يتطلب تنازل حزب الله، بينما يعتبر الأخير أن التسوية لن تكون على حسابه، ومن أراد التسوية عليه توقع تنازلات متبادلة.

 

هذا التلويح بالتصعيد الكبير ونقل الفوضى من لبنان الى المنطقة جاء بالتزامن مع زيادة منسوب الفوضى على المستوى اللبناني، في حين تبدو القوى المحلية عاجزة عن التعامل معه بالشكل المطلوب، الأمر الذي كان من المطلوب التعامل معه وفق إطار جديد، يعيد رسم المعادلة بشكل أوضح، من خلال التحذير بأن هناك خطوطاً حمراء لا يمكن لأحد تجاوزها، الأمر الذي من المفترض أن يفتح الباب أمام إعادة البحث بشروط تسوية جديدة، ما دام الجميع متفقا على أن المطلوب عدم الذهاب إلى الإنفجار الشامل.