IMLebanon

سلاح النفط بين السعودية وإيران

تمضي السعودية في حربها المعلنة مع إيران. فمع أميركا أو من دونها، تبدو عازمة على وضع حد لتطلعات خصمها الإقليمي في المنطقة. وبعد مواجهتها عسكرياً في اليمن وسوريا ومحاصرتها “حزب الله”، تشهر سلاحها النفطي في مواجهة طهران العازمة على انتزاع استثناءات لها من أي قرار لتجميد الانتاج، يمكن أن يعيد الاستقرار الى السوق النفطية.

منذ الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، لم تتراجع الشكاوى الخليجية والغربية من سلوك إيران. ومع انّ الجمهورية الاسلامية نفذت التزاماتها النووية، فإن واشنطن وأوروبا لم ترفعا عنها كل العقوبات. ولعل المسؤول الرئيسي عن هذا الامر هو ايران نفسها التي تواصل علناً انخراطها في حروب المنطقة وتطلق صواريخ باليستية في انتهاك فاضح للحظر الصاروخي المستمر عليها. أما المملكة التي طالما اعتمدت مقاربة نفطية بعيدة من حسابات السياسة الخارجية، فقررت على ما يبدو اللجوء الى سلاح النفط في مواجة طهران.

على رغم العداء التاريخي بين الرياض وطهران، أمكن في السابق إبعاد السياسة النفطية عن التجاذبات السياسية، وتعاون الجانبان مراراً للحفاظ على استقرار السوق النفطية. وفي الأسابيع الأخيرة، بدا أن روسيا والسعودية وفنزويلا وقطر ستوافق على قرار التجميد. وحتى اللحظة الاخيرة كان متوقعاً توقيع اتفاق يشكل تعاوناً هو الاول من نوعه بين “أوبيك” وروسيا منذ 15 سنة، ويمهد لانهاء تخمة نفطية دفعت سعر برميل النفط من 100 دولار الى 26 دولاراً.

الا أن معارضة السعودية في الدوحة اتفاقاً لتجميد الإنتاج لا تنضم إليه إيران، تعكس استراتيجية جديدة تندرج في سياق الأزمة المتفاقمة بين الخصمين الإقليميين.

الواضح أن الموقف السعودي في الدوحة هو تحذير مباشر من أنه إذا لم تلتزم كل دول “أوبيك”، بما فيها ايران، تجميد الإنتاج، فان المملكة تتمتع بالقوة الكافية لاغراق السوق وإطاحة كل محاولات وقف التدهور في أسعار النفط الذي ألحق ضررا باقتصادات الدول النفطية خصوصاً. وليس كلام ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان عشية الاجتماع بأن المملكة قادرة على إغراق العالم بالنفط إذا شاءت، بعيداً من هذه الاجواء.

لطالما شكل قطاع النفط واحة استقرار في منطقة مضطربة، إلا أن الازمة غير المسبوقة في العلاقات بين ايران والسعودية منذ الثورة الاسلامية لن تترك على ما يبدو مجالاً للاستقرار بين الجانبين.

وليست السياسة النفطية الجديدة الا حلقة في الجهد الاوسع الذي دأبت عليه السعودية منذ تسلم الملك سلمان الحكم العام الماضي. وخلافاً للدول الاخرى التي تتطلع الى رفع أسعار النفط، تبدي السعودية استعداداً لتحمل أسعار أدنى تؤذي اقتصادها، الا أنها ولا شك تلحق ضرراً أكبر بالاقتصاد الايراني الذي كان يتطلع الى طفرة نفطية بعد رفع العقوبات عن طهران.