IMLebanon

«عكاظ» محلي.. ومناورات دولية!

تُشكّل القمة الإسلامية في اسطنبول فرصة جدّية لإعادة ترتيب صفوف العالم الإسلامي وأولوياته، حيث تحتّم الظروف الإقليمية المشتعلة والضغوطات العالمية توحيد الرؤيا والخطط في مواجهة الإرهاب الذي يضرب الشرق الأوسط من جهة، و«الإسلاموفوبيا» المتنامية في العالم، من جهة أخرى.

إن العالم الإسلامي يحارب على جبهات متعددة في وقت يُعاني من انقسامات داخلية وتداخلات إقليمية متشعبة، حيث تحوّلت دول عديدة إلى فلسطين أخرى جرّاء اجتياح الإرهاب لأراضيها، ودول عديدة إلى لبنان آخر بحربه الأهلية سيئة الذكر، والتي لم تُخلّف سوى الموت والخراب، وأرضية دائمة خصبة قابلة للاشتعال!

أما في ما يخص لبنان، فتُشكّل هذه القمة فرصة ذهبية لإعادة ترميم العلاقات مع الأشقاء في دول مجلس التعاون وخاصة مع المملكة العربية السعودية، حيث حافظ لبنان على موقعه داخل المظلة العربية طوال سنوات الحرب، ولم يكن الخروج عن الإجماع العربي وارداً حتى سيطرت المصالح الإيرانية على أجندة لاعب رئيسي على الساحة الداخلية مع حلفائه.

وبالتالي، بات إنقاذ ما تبقى من اقتصاد الوطن المتهالك مسؤولية الحكومة لوحدها، مع كل القيود التي تكبّل حركتها داخلياً وخارجياً، ومع الفراغ الرئاسي المتمادي والذي أفرغ الدولة من مفهوم المؤسسات، ومع كل محاولات التعطيل التي تتعرّض لها لإبقاء البازارات مفتوحة والموارد قيد الاستنزاف وسياسة الأمر الواقع، هي صاحبة الكلمة الفصل في الشؤون الداخلية الملحة، وهي مهمة شبه مستحيلة. فالفساد بات أكثر من مستشرٍ في ظل غياب مدوٍ للمحاسبة، وسوق عكاظ السياسي أقفل باب الاستثمارات الخليجية وقضى على ما تبقى من سياحة، مع كل القطاعات المعنية بها من فنادق ومطاعم وحركة تجارية التي باتت أقرب إلى الموت السريري، ولولا اعتمادها على المغتربين الصامدين في دول مجلس التعاون، لكانت قطاعاً ميتاً نهائياً.

لقد أظهرت الطبقة السياسية الحالية استخفافاً بمصير البلاد والعباد، وحاول الموفدون الدوليون، الذين زاروا لبنان مؤخراً، إيصال الرسالة الواضحة حول ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية حتى لا يقع لبنان في منزلق الدولة الفاشلة، وحتى لا يعود الوطن الصغير إلى ساحة لتصفية الحسابات من جديد، إلا ان هذه الزيارات بقيت حبراً على ورق، ولا يتوقع الكثير من زيارة الرئيس هولاند المقبلة، إذ أنه لا يحمل عصاً سحرية، كما أعلنت جهات رسمية.

إلا أنه لا يمكن تجاهل مشاكل الوطن الصغير المتفاقمة والمرور عليها مرور الكرام، وكأنها زيارة عادية لبحث سبل التعاون بين البلدين. إن لبنان لا يزال يدفع ضريبة موقعه الجغرافي من حيث ربط انتخاباته الرئاسية وإعادة الحياة إلى مؤسساته الرسمية بحل الأزمة السورية، فصار مصير الدولة رهينة الحل الإقليمي، إضافة إلى عبء النازحين السوريين، الذي تجاوز قدرته على التحمّل.. في حين بقيت الوعود بالدعم والمساعدات خارج حيّز التنفيذ، من دون أن نغفل ضرورة دعم الجيش، المدماك اللبناني الوحيد الذي يتصدّى لمحاولات الإرهاب في التسلل إلى الداخل اللبناني، بمؤازرة سائر القوى الأمنية.

هل تندرج هذه الأولويات الثلاث، من انتخابات رئاسية إلى دعم القوى الأمنية وصولاً لحل حقيقي ومساعدات ملموسة للاجئين، على جدول أعمال الرئيس هولاند في زيارته للبنان، أم أن الصفقة العامة لم تتم بعد وهو بصدد تقديم حبة أسبرين لمعالجة السرطان الذي ضرب الدولة بكل مرافقها ومؤسساتها؟