IMLebanon

سوق عكاظ موسم الفساد

 

مكافحة الفساد لا تكون في الأساليب المعتمدة حالياً. نقول أساليب وليس «أسلوباً» واحداً لأن الأطراف كلها حلّ  عليها الروح القدس فتحول القوم الى ملائكة ينكرون إبليس، الدسّاس، الخنّاس، ليل نهار ويدّعون العفة والطهارة، ولم «يتواضعوا» بعد  إلى درجة إدّعاء القداسة. ومن يدري فقد نصل إلى يوم يطوّبون أنفسهم قديسين وأولياء، سلام الله على أسمائهم. ولكل منهم «نظريته» و»فلسفته» ضد الفساد؟!

 

الذين مثلنا، تابعوا مسلسل مناقشة البيان الوزاري اكتشفوا أنهم في مواجهة الآتي: ١- مزايدات لا حصر لها. ٢- تسويق أنفسهم أمام الرأي، وأحياناً كثيرة برداءة  غير مسبوقة. ٣-  بـ«النجاح» في إضفاء جو من الضجر وهو أيضاً غير مسبوق. ٤- بالتنديد بالفساد والفاسدين. ٥- وبإستثناء قلة نادرة من النواب لم يكن في الكلام أي حدٍ من البلاغة.

 

ويهمنا من تلك كلها أعلاه  البند الرقم ٤ الذي تضمن تنديداً بالفساد وشغفاً لافتاً بالنزاهة…  جميل! ولكن الأجمل هو: إذا كان النواب الذين تناوبوا على الكلام وهم يمثلون مجموعة الأحزاب والكتل والتكتلات يطالبون بمكافحة الفساد و«ضبط» الفاسدين، فمن هم هؤلاء الفاسدون؟ ومن أين أتوا؟ أجل! مـن أي بلدٍ خارجي جاءوا الى لبنان وعاثـوا فيه فساداً طوال عقود؟!

 

إن الفساد ليس مسألة طارئة على حياتنا العامة. ولقد أصبحنا مادة انتقاد وتندّر في أفواه العالم أوله وثالثه وما بينهما على حدٍ سواء ومكافحة الفساد ليست «قضية» موسمية تطفو على صفحة مياه هذا المستنقع اللبناني ذي المياه الآسنة…. إنما هو عمل يومي يفترض بالأجهزة والإدارات الرقابية أن يكون شغلها الشاغل من دون ضجة (خصوصاً إذا كانت مفتعلة).

 

ولا بأس! لقد فتحوا ملف الفساد، ولكن يجب تصويب  المسار. وإذا كانوا يظنون أنهم وجدوا ملهاة للناس فالمواطنون يدركون، بداهة، وبالتجربة، وبالخيبات المتكررة أن لهذه الهمروجة هدفاً، وهذا الهدف هو نهايةٌ،  عنوانها من الأمر العسكري: «مكانك راوح».

 

تريدون، حقيقة وفعلاً وجدياً، مكافحة الفساد؟! عال العال:

 

حرّكوا تلك الأجهزة والإدارات الرقابية المعنية ودعوها تشتغل شغلها من دون أي تدخل. ولا تصدروا أحكامكم سلفاً على بعضكم البعض. ومن ليس لديه الوثائق والأسانيد فليصمت!

 

سوق عكاظ هذه، المفتوحة على المزيد من الشرشحة و«البهدلة»، والاتهامات المتبادلة، يجب أن تتوقف، خصوصاً أن «المعلّقات» التي تنتج عنها ليس فيها ما يجذب سوى ضعاف النفوس والذاكرة أيضاً. إضافة إلى هذا الكمّ الهائل من الشحن المذهبي والطائفي والبغضاء.

 

ونكرر: اتركوا أجهزة الرقابة، القضائية والإدارية، أن تأخذ مجراها، فتتخذ القرارات وتصدر الأحكام الموثقة بحيث يتعذر دحضُها. وفي انتظار ذلك اسحبوا من التداول البروغاندي هذا الملف الذي تفوح منه أكثر الروائح نتانة. واتركوا الناس تبحث عن لقمة عيشها بحدٍ أدنى من الإمكانات المتوافرة.

 

فيكفينا ما فينا.