تكبر المفاجأة لدى اللجنة الأولمبية الدولية كل لحظة مع تحوّل الصدمة في حفل الافتتاح الى كرة ثلج من الفضائح وصلت شظاياها وردود فعلها الى قيادة الكونغرس الأميركي والى كافة زوايا العالم!
فقد أثار، وما يزال يثير، حفل الافتتاح للألعاب الأولمبية موجات غضب دولية عمّت العالم بأسره وصلت الى الصين وأوستراليا والولايات المتحدة والتشيلي بالإضافة الى إيطاليا والعالم العربي، وبالتأكيد الفاتيكان والداخل الفرنسي!
والأهم أن الحفل ليس خاصاً ليتذرّع بحريات خاصة، بل هو حفل عام وعالمي. وقد حصل بتمويل عام، ومن أموال كل الفرنسيين من كل المعتقدات. وهو خالف، بالمقارنة، قوانين تمنع المساس بمعتقدات دينية، كالتشكيك بالمحرقة اليهودية ومعاداة السامية…
ما اضطر اللجنة الأولمبية أمس الأحد الى تقديم اعتذار علني من كل من يعتبر أن العرض قد أساء إليه، قائلة إنها لم يكن لديها أي نيّة للتعرّض لأي معتقد أو ديانة!
وقد يكون أكثر ما أزعج العالم هو «الاعتداء» على مشهدية العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلاميذه ورمزية القربان والفداء والخلاص لدى المسيحيين، وتقليد شاذ للوحة ليوناردو دو فينتشي، مع عدد من المتحوّلين جنسياً من قبل مخرج الحفل الفني توماس جولي! وذلك مع إضافة لمشاهد للمتحوّلين جنسياً يرقصون خلف طفلة صغيرة! والذي اعتبره البعض بمثابة اعتداء جنسي على الطفولة!
ما جرى هو تسخيف مشهد السيد المسيح في العشاء الأخير بالتركيز على فكرة العري وبتسويق للتحوّل الجنسي. فقد ظهر أيضاً المغني الفرنسي فيليب كاترين يغني عن العري وهو شبه عارٍ كلياً في مقطع رفضت أن تعرضه الولايات المتحدة والعديد من دول العالم، مثل الصين وأوستراليا والمغرب…
فبحجة غنى الاختلاف و«التسامح» تمّ تحقير الدين، وبخاصة الدين المسيحي. وذلك، في فرنسا، ابنة الكنيسة البكر! ما دفع بتجمع أساقفة فرنسا الى إصدار بيان أدان الإهانة والتحقير.
وجاءت الإدانات أيضاً من كافة زوايا الأرض، ومن مراجع دينية مختلفة، مسيحية ولكن أيضاً مسلمة. وقد وصل الأمر بعدد من الكهنة الى توصيف ما حدث بالشيطاني وتشبيهه بعبادة العجول الوثنية وغيرها!
مشهديات كثيرة أخرى لاقت استهجاناً فرنسياً، حتى عند غير المتدينين، وكانت غير موفّقة أبداً! ومنها، مشهدية الملكة ماري أنطوانيت مقطوعة الرأس أمام مبنى الكونسيرجري conciergerie الذي كانت مسجونة فيه قبل قطع رأسها بالمقصلة!
وحتى مشهد الدمج بين المغنية الفرنسية – المالية (من مالي) آيا ناكامورا والحرس الجمهوري أمام مركز الأكاديمية الفرنسية، بما ترمز إليه الأكاديمية. واعتُبر تنازلاً عن النظام لصالح فوضوية الشارع!
مرة جديدة، أفكار «باريسية» لا تعبّر عن أفكار ومشاعر فرنسا العميقة. وهي الأفكار نفسها التي تؤدي الى هذا الشرخ الاجتماعي – الثقافي – السياسي في المجتمع الفرنسي، والذي انعكس على انقسام فرنسا في الانتخابات النيابية الأخيرة. وهو ما يؤدي أيضاً الى ارتفاع شعبية أقصى اليمين وحزب التجمع الوطني الرافض لها!
هذا في حين اعتبر نائب إيطالي أن ما جرى في فرنسا هو تنكّر لهويتها المسيحية الكاثوليكية، مع كل ما جرى، ومع محو أيضاً للصليب عن مبنى الإنفاليد Invalides، ويؤثر سلباً على الهوية الأوروبية كلها، معتبراً أنه يجب على فرنسا أن تتراجع عما قامت به، وبأسرع وقت ممكن، حماية لهويتها وللهوية الأوروبية!