عائلة طرابلسية من أعرق العائلات اللبنانية عنوان للوطن والوطنية، وللأخلاق، ولنظافة الكف، وللمواقف الوطنية والعربية الكبيرة.
لا يمكن أن يكون ابن عبدالحميد كرامي ابتداءً من الرشيد، الذي كان ظاهرة في السياسة اللبنانية بقوّة الأعصاب وهدوئها، ورجاحة الفكر والعقل والحكمة في اتخاذ القرارات المثالية، الا اذا كان على الاخلاق والقيم التي يتحلى بها الشهيد وشقيقه عمر…
النظافة هي عنوان آل كرامي من الكبير الى الصغير.
صحيح أنني لم أعرف المغفور له الرئيس عبدالحميد كرامي ولكن عرفنا (مما سمعنا وقرأنا) إنّه من القلائل الذين جمعوا بين السياسة والدين، فقد كان مفتياً مميزاً وسياسياً مميزاً، وهذا يذكرنا بالبطريرك المرحوم مار بولس المعوشي الذي كان وطنياً بامتياز ولقّبوه «محمد المعوشي».
هؤلاء لا يعرفون الطائفية والمذهبية، يعرفون فقط الوطن، كان عبدالحميد مفتياً، ولم يكن رجل دين عادياً.. وأعتبر نفسي من المحظوظين لأنني عاصرت رشيد كرامي، كما عشت معه من السبعينات الى يوم استشهاده، خصوصاً الأيام التي أمضيناها يوم كانت طرابلس محاصرة والرشيد يسعى، من دمشق، لإطفاء حريق عاصمة الشمال.
لا أقدر إلاّ أن أتذكر رشيد عندما أتحدث عن آل كرامي، خصوصاً في بداية الحرب عندما كان يقوّي فينا العزيمة والتفاؤل ويبسّط الأمور، معتبراً الأحداث حالاً عابرة لا يمكن أن تعيش طويلاً.
اغتيل الرشيد لأنّهم كانوا يريدون أن يزيحوا أي عنوان للتقارب بين اللبنانيين، وليس التقارب وحسب بل والحلّ أيضاً… فقد اغتيل غداة اتفاقه مع الرئيس المرحوم كميل شمعون على بنود لحل سياسي في لبنان كان من شأنه اختصار أحداث لبنان سنوات طويلة.
أعود الى عمر الذي لم يزح عن الخط الذي أسسه الوالد عبدالحميد، بالعكس فقد أكد على هذا الخط ووطنيّته وحكمته. وما كانت الاستقالة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الا دليل على ذلك… وهو الذي ذاق مرارة استشهاد شقيقه، فمِن موقع وطنيته وحرصه على الوحدة الوطنية ومن موقع الحفاظ على وحدة لبنان فاجأ الجميع باستقالته، حتى الرئيس بري فوجئ بالاستقالة، ولكنه عندما سمع السيدة بهية الحريري شقيقة الرئيس تناشده الاستقالة بادر إليها فوراً.
رحمه الله رحمات واسعة فقد انطوت معه صفحة مشرقة من كتاب لبنان.