كنا رفاقا في الثانوية العامة، وكان عمر كرامي نواة حلقة من الاصدقاء شملت نبيل خطيب، مكرم رحال، زياد شعبان والكاتب.
ورأس عمر كرامي الجمعية العربية لأكثر من سبب، بينها اتقانه اللغة، ونفسه العروبي الخالص، وتمسكه بالاضطلاع بالدور المناسب لشخصيته. وكان ودودا محبا لأصدقائه وقد استشعرنا غيابه في القاهرة، إذ كنا جميعا في الجمعية العربية، وهو كان يريد دراسة الحقوق وتعوزه اللغة الفرنسية، ولم تكن الاكاديمية اللبنانية قد باشرت تدريس الحقوق، الامر الذي انتقل في ما بعد الى الجامعة اللبنانية وأتاح دراسة الحقوق من دون التمكن من اللغة الفرنسية.
كان صبورا، هادئاً، صاحب نكتة مرتجلة وبالتأكيد كان غارقا في الشأن السياسي، فهو ابن بيت عريق، والده الراحل الرئيس عبد الحميد كرامي، ومن ثم رأس الحكومة مرات عدة شقيقه الرئيس رشيد كرامي الذي كان ينعم بصفتي الصبر والتأني اللتين طبعتا شخصية عمر كرامي بعد توليه الدور السياسي الاول عقب اغتيال شقيقه الراحل.
آل كرامي تمتعوا دوما بعزة النفس والترفع عن التزلف والصغائر، والرئيس عمر كرامي بالذات حافظ دوما على إرث العائلة في أحلك الظروف التي مر بها لبنان. ولهذا السبب واجه قطيعة سياسية من أفرقاء لبنانيين وأفرقاء آخرين مؤثرين في مجرى الحياة السياسية في لبنان مدى 29 عاما.
ثلاث محطات لا بد من ذكرها في المسيرة السياسية لعمر كرامي.
حين رأس الحكومة للمرة الاولى، أصر على ان يتولى وزير شؤون البيئة وتاليا على انشاء هذه الوزارة وكانت الخطوة في حينه طليعية، وهدفها نبيلا، وإن تكن الوزارة هزلت في ما بعد لأن السياسيين المنشغلين دوما بما هو أقل أهمية من بيئة الحياة البشرية والطبيعية أهملوها، ولو حافظنا على البيئة كما أراد عمر كرامي لكان لبنان ينعم بمزايا لا تتوافر لأي بلد شرق أوسطي آخر.
في كانون الاول 1991، وبعدما استشعر مخاطر التضخم وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، وعلى رغم تحقيق الاقتصاد اللبناني أعلى معدل للنمو في تاريخه، لأن السنوات السابقة كانت سنوات اقتتال وتردّ للاقتصاد والامن الى حين انجاز اتفاق الطائف، طلب عمر كرامي من مجلس الوزراء تسمية لجنة من ثمانية خبراء مشهود لهم بالمعرفة وتنوع الخبرات، لوضع دراسة عن تصحيح أوضاع الاقتصاد اللبناني. وعكف الخبراء الثمانية على دراسة مختلف جوانب الاقتصاد والادارة، وتوزعوا مسؤوليات اقسام الدراسة ومن ثم أنجزوا تقريرا موسعا في 5 ايار 1992 قدم الى الحكومة في 6 منه، يوم قيام تظاهرات عارمة ضد الغلاء واحراق اطارات سيارات في شوارع العاصمة، فبادر الرئيس كرامي، الذي كان يسعى الى الاصلاح، الى تقديم استقالة حكومته.
المحطة الثالثة الاكثر شجاعة واستقلالية حققها عمر كرامي في تاريخ 28 شباط 2005. فقد انعقد مجلس النواب بصورة استثنائية للبحث في تأثيرات اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل اسبوعين، وتوالت الخطب من أعضاء المجلس وانطوت على اتهامات واضحة للحكومة بالاهمال في موضوع حماية الرئيس الحريري، ومن منبر المجلس خاطبت النواب النائبة بهية الحريري بلهجة نارية واتهمت الحكومة والسلطات الامنية والمخابرات السورية بالتآمر لاغتيال الحريري وخلصت الى المطالبة باستقالة الحكومة.
وعمر كرامي الرجل المنزه عن التآمر على أي سياسي آخر، اصيب في كرامته، فذهب الى منزله ظهرا وعاد الى الجلسة بعد الظهر ليعلن استقالته، وهو لم يطلع رئيس مجلس النواب على قراره، كما لم يستشر المفوض السامي السوري في قراره، وتاليا مارس اقتناعه وعبّر عن رفضه لأي اتهامات مغرضة.
هذه المبادرة الشجاعة أذهلت رئيس مجلس النواب، كما أزعجت رئيس الجمهورية آنذاك، فبات الرئيس عمر كرامي، نتيجة استقلاليته في القرار، محاصرا ومبعدا على رغم كل المظاهر التي أراد المصدومون بقراره اظهارها.
ابنه فيصل الذي تولى وزارة الشباب والرياضة بث الروح في هذه الوزارة، وأقدم على تخصيص أموال كافية لانجاز المجمع الرياضي في ضبية الذي كان يشكو من سوء التنفيذ، وقد قاربت أعمال التصحيح الانجاز بحيث سيكون هنالك مجمع لممارسة رياضة للسباحة شتاء، والتنس صيفا وشتاء في ضبية التي صار محيطها مقصدا لعدد كبير من المؤسسات.