IMLebanon

في ذكرى توقيع “التفاهم” بين عون ونصرالله تذكير بالرسالة المفتوحة للمشنوق عام 2006

يوم الأثنين 23 كانون الثاني 2006 وجّه الوزير نهاد المشنوق عندما كان يمارس الصحافة والكتابة رسالة طويلة مفتوحة الى “سيد المقاومة” حسن نصرالله من المفيد التذكير ببعض ما جاء فيها لمناسبة ذكرى توقيع “ورقة التفاهم” بين العماد ميشال عون ونصرالله، وقد ظلت ورقة كسائر الأوراق والقرارات التي صدرت عن جلسات هيئة الحوار الوطني حبراً على ورق، ولاسيما منها “اعلان بعبدا”، وختم تلك الرسالة بايجاز الآتي:

“كيف يحمي “حزب الله” منطقه، لبنانيته، سيادة وطنه، سلاحه في وجه اسرائيل؟ كيف يعود الى جمهوره الأوسع في كل الطوائف؟ ولن أعود الى ما جاء في اتفاق الطائف من نشر للجيش في الجنوب وفرض سلطته كاملة على الاراضي اللبنانية، ولا الى البيان الوزاري الذي يدعم المقاومة وتحرير الاراضي اللبنانية، ولا الى تقرير رود – لارسن الذي يستعجل تنفيذ كل مضمون القرار 1559. من السهل ايجاد تناقضات بين خمسة نصوص لسماحتكم أربعة منها عفوية يدلي بها الشخص نفسه خلال ثلاثة أسابيع، ومن الأسهل اجراء مقارنة تعرّض المضمون لضعف، بدلاً من قوة نص خطابي اشتهرت بها يا سماحة السيد. غير أنه من الواضح أن الاجابة عن الأسئلة السابقة، لا تكون بشكر لسوريا قيادة وشعباً في يوم القدس، ولا بشكر إيران على دعمها للحزب في الوقت الذي ترى فيه السعودية المشروع الايراني على أبوابها، ولا بحديث الرئيس الأسد عن اسرائيلية الداعين الى ترسيم الحدود في مزارع شبعا ورفض طلب لجنة التحقيق الدولية بالاستماع اليه باعتبار ان السيادة فوق قرارات مجلس الأمن (…)”.

وتضيف الرسالة: “لقد تعهد الرئيس الحريري لك بأن سلاح”حزب الله” باق حتى توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل، وباعتبار ان لبنان هو الدولة العربية الأخيرة التي ستوقع هذا الاتفاق فتكون سوريا قد حرّرت جولانها ووقعت معاهدة سلام، ولو اجبرت (الحريري) على غير ذلك فسأغادر البلاد ولا أكون مسؤولاً عن جزائر ثانية”.

وذهب الرئيس الحريري الى الرئيس حافظ الأسد عام 1998، وأبلغه بموقفه هذا ففوجئ الأسد بحسم الحريري ان لبنان هو آخر الموقعين على اتفاق مع اسرائيل، وفوجئ أكثر حين قال له تبسيطاً للأمر ان لبنان وسوريا واحد ولا فرق بينهما، فكان جواب الحريري: هما واحد إلا في اتفاق السلام، فهما اثنان “سوريا أولاً ثم لبنان”. وتتابع الرسالة: “لأنني أرى فيك (نصرالله) صورة زعيم اسلامي تحفظ صورته ذاكرة العديد من المسلمين في العالم، وتحفظ عمامته السوداء، تتقدم المقاتلين نحو اسرائيل، لذلك أنأى بسماحتك عن الاختلاط بالصورة اللبنانية وتفاصيلها المذهبية، إذ أنك ستبدو، لا سمح الله، وكأنك انتقلت من مقاومة اسرائيل الى مقاومة الدولة”.

الواقع انه منذ توجيه هذه الرسالة عام 2006 الى السيد حسن نصرالله حتى اليوم، لم ينضم الى “ورقة التفاهم” الموقعة بين عون ونصرالله أي حزب أو تكتل أو تيار، لأن وجهة سلاح الحزب تحولت نحو الداخل ثم نحو سوريا للمشاركة في حرب دفاعاً عن النظام فيها ضد أكثرية سورية ولبنانية تناهض هذا النظام. وعندما انقسم اللبنانيون حول هذا السلاح قال السيد نصرالله ان المقاومة ليست في حاجة الى اجماع لبناني… مع أن بقاءه من دون موافقة اللبنانيين يشكل مخالفة صريحة لروح “الميثاق الوطني” وللمادة 65 من الدستور التي توجب موافقة ثلثي عدد الوزراء الذين تتألف منهم الحكومة على المواضيع الأساسية التي عددتها هذه المادة عندما يتعذّر التوافق عليها، ومنها الحرب والسلم اللذان لا يقررهما حزب لوحده أو طائفة إنما مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين.

لذلك ظلت “ورقة التفاهم” مقتصرة على توقيع نصرالله وعون لأنها ظلت ورقة، كما ظلت القرارات التي صدرت عن جلسات هيئة الحوار الوطني حبراً على ورق أيضاً، فلا تم ترسيم الحدود لحسم النزاع على ملكية مزارع شبعا توصلاً الى تحريرها من الاحتلال الاسرائيلي فلا تعود عندئذ حاجة الى مقاومة ولا الى سلاح خارج الدولة، ولا تمت إزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات توصلاً الى ضبطها داخلها، ولا اخضع سلاح الحزب لاستراتيجية دفاعية يتم الاتفاق عليها لضبط استخدامه في الزمان والمكان اللذين تحددهما مرجعية الدولة، بل ظل الحزب يستأثر باتخاذ القرارات المهمة من دون أن يعطي حتى علماً بها للدولة. وهو وضع شاذ لا خروج منه إلا بعودة “حزب الله” الى لبنان للدفاع عنه ضد كل معتدٍ، والى لبنانيته ليكون لها الولاء وحدها ولكي يكون للحوارات الجارية نتائج تجعل كل اللبنانيين واحداً وكلمتهم واحدة.