IMLebanon

على حافة الركود

ظهرت مشكلات روسيا الاقتصادية الحادة قبل بروز الأزمة الأوكرانية. وبدا النموذج الاقتصادي الروسي المعتمِد على إلقاء عائدات مبيعات النفط والغاز في الاقتصاد الاستهلاكي. وقد رفض بوتين انتقال الاقتصاد الروسي إلى اقتصاد المعرفة المبني على الابتكار والاستثمارات الكبرى، وذلك بسبب تأثيره في المسار السياسي له. وقد تسببت العقوبات الاقتصادية الغربية في انخفاض الاستثمارات، وهروب الرأسمال الأجنبي، وهبوط نسبة النمو إلى ما يعادل الصفر. ويقول الكسندر كليمنت من «معهد اوراسيا للأبحاث»، ان الاقتصاد النامي يساعد الدولة على اكتساب الثقة، ولكن عندما تواجه الدولة المصاعب مع العالم الخارجي، يتدهور الاقتصاد بشدة.

يقول الكسي كودرين، وهو وزير مالية سابق ان نمو الاقتصاد الروسي سينخفض واحداً في المئة في السنة، وذلك في السنوات الثلاث القادمة، وسيكون الاقتصاد واقفاً على حافة الركود. ويعمل بوتين الآن على إبعاد التأثيرات الضارة للاقتصاد المتهاوي عن سكان الأرياف والمدن الصغيرة، حيث تتركز القوة التصويتية له. ويضع الكرملين اللوم على الغرب وعقوباته الاقتصادية. ويرفض بوتين ان تؤثر الصعوبات الاقتصادية في مستوى الأجور، وعلى موازنة الدفاع، والمؤسسات التابعة للقطاع العام. وسترتفع النفقات العسكرية إلى 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015، وسيعني ذلك إضافة 80 مليار دولار على الموازنة العامة، بدءاً من السنة القادمة.

نشرت الحكومة الروسية في الشهر الماضي موازنتها العامة. وقد اعتمدت تلك الموازنة على توقعات اقتصادية متفائلة جداً تبدو الآن غير واقعية، مثل إبقاء التضخم على عتبة 6 في المئة (يرفعه بعض الخبراء إلى 8 في المئة). كما تعتمد الميزانية على 1,2 في المئة للنمو الاقتصادي (يضعه صندوق النقد الدولي بنسبة 0,3 في المئة)، وعلى سعر لبرميل النفط يبلغ 100 دولار (انحدر الآن إلى 60 دولاراً). وتظهر دراسة لمعهد الخبراء الروس الاقتصادي ان خسارة دولار واحد من سعر برميل النفط تؤدي إلى انخفاض أرقام الموازنة 2,3 مليار دولار في السنة.

إن ظهور دائرة مفرغة من النمو المنخفض والتضخم الكبير، وانحدار قيمة الروبل، سوف تؤثر في الاستقرار السياسي الذي ينشده بوتين. كما ان الضعف الاقتصادي سوف يؤثر أيضاً في مستوى المواجهة ضد الغرب.

وتبدو المحافظة على الأمن القومي أولوية بوتين التي لن تتغير في المدى القريب. وقد اعتمد أخيراً قانوناً يمنع الأجانب من امتلاك وسائل إعلام في روسيا، ولذلك مثلاً ستتوقف مجلة «فوربس» الأميركية عن الصدور بطبعتها الروسية.

تؤثر العقوبات الغريبة في الشركات النفطية الروسية العملاقة ومنها «روس نفت» وبعض الشركات الخاصة، التي تدعو أصوات إلى ارجاعها لملكية الدولة، في طريق قد تؤدي إلى اعتماد روسيا على اقتصاد الحرب».