الفراغ الرئاسي بات وراءنا. 31 تشرين الأول سيكون يوماً مفصلياً هو أو أي يوم قد تُنقل الجلسة الرئاسية الإنتخابية اليه إذا كانت المساعي لم تُـحسم بعد. وتلك المساعي يتولاها حزب اللّه ضمن أطراف فريق 8 آذار بدءاً بالرئيس نبيه بري وكتلته النيابية وصولاً الى الوزير – المرشح سليمان فرنجية… مروراً بأرسلان ونواب البعث والقومي.
ومواقف هؤلاء، باستثناء كتلة الرئيس بري، سيكون لقرارهم مغزى واضح لا يمكن تجاهله أو حتى المرور عليه مرور الكرام. ذلك أنه سيكون بوحي مباشر من سوريا. ونحن لا نقول جديداً في هذا الإستنتاج، ذلك أن أحد نائبي البعث، عاصم قانصوه، سبق له أن قال إنه لم يكن قد تلقى، بعد تعليمات الدكتور بشار الأسد… فكيف ستكون هذه التعليمات؟ إنه سؤال وجيه، وقد تترتب عليه نتائج بين الحكمين اللبناني والسوري في العهد الذي باتت رئاسته معقودة اللواء للجنرال ميشال عون، إلا إذا وقع »اللامتوقع«.
في أي حال دخل لبنان في مرحلة جديدة. مهمة. ايجابية بالضرورة. فوصول أي مرشح الى سُدة الرئاسة بات »الأمل المنشود« تحت وطأة هذا الفراغ الثقيل، القاتل، الذي يهيمن على هذا الوطن منذ نحو سنتين ونصف السنة. وبات متوقعاً إعادة ترميم صورة الدولة تدريجاً واستعادة هيبتها بعدما وصلت حالنا الى الحضيض.
لسنا في وارد اسداء النصح، وليس هذا دورنا في أي حال. إنما نعرب عن أمنياتنا بأن تتضافر الجهود بين الأطراف كلها. فليس لأي طرف أو جهة أو فريق مصلحة في عرقلة العهد. أصلاً ليس العماد ميشال عون من الذي يسهل وضع العصي في عجلة مسيرتهم… فالرجل قوي الشكيمة، وينطلق من توافق صحيح متقاطع المصالح، ما أدى الى شبه الإجماع عليه رئيساً… فليس قليلاً أن تكون رئاسته تبدأ مدعومة من سعد الحريري وسمير جعحع وحزب اللّه والطاشناق وآخرين كثر، وإن كان يطمح بالضرورة لدعم (اقله بعد الرئاسة إن لم يكن قبلها) من الرئيس نبيه بري الذي يمثل ثقلاً وطنياً ونوعياً ليس بالأمر اليسير تجاوزه، وإن كان الجنرال عون لا يريد ولا يسعى، لأن يتجاوزه، والعكس صحيح فهو مصمم على مواصلة المسعى نحو عين التينة. خصوصاً وان الطرفين يتحدثان عن وحدة الموقف الاستراتيجي. ومع ان لقاء النصف ساعة أول من أمس في عين التينة لم يسفر عن نتيجة إلاّ أن ما أعقبه من كلام كان يؤذن بإمكانات إيجابية. فالجنرال أعرب عن إحترامه لقرار دولة الرئيس بري، ورئيس المجلس أكد أن الإختلاف في الموقف مع دولة الرئيس عون لا يفسد للود قضية. ويمكن التأكيد ان عون والحريري يحرصان بالتأكيد على تمثيل بري في حكومة العهد الأولى بما يشبه أو يطابق تمثيله في الحكومة الحالية.
وفي المعلومات، كذلك، إن عون والحريري يحرصان ايضاً على أطيب العلاقة مع المرشح الرئاسي الوزير سليمان فرنجية. وقد لا يكون مفاجئاً أن يحقق سماحة السيّد حسن نصراللّه معجزة »الإجماع« حول مرشحه الرئاسي المزمن في جلسة الإنتخاب بالذات. ولن يكون تجاوب الأطراف المعنية مستحيلاً…
حتى إذا تحقق ذلك، توافقت الأطراف الفاعلة جميعاً على إنطلاقة قوية للعهد الجديد، وبمشاركة الجميع، للعبور بلبنان الى شط الأمان في بحر المنطقة الذي تتضاربه الأنواء الهادرة والخطرة.
وعلى خيرة اللّه وبركته.