يطل هذا الشهر على ذكرى عقد لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر منه حاملاً معه ما يثقل أصحاب الذكرى والأفرقاء السياسيين الذين ينضوون ضمن قوى ١٤ آذار و”ثورتها” بما يفوق كل محطة سابقة على خلفية الصراع الذي فجره اغتيال الرئيس الحريري. ولا نعتقد ان إثارة هذا الجانب الآن ينطوي على فتح مبكّر لملف الذكرى بل ان الكثير مما شهدته الوقائع الداخلية والخارجية اخيراً سيجعل المناسبة اشد توهجاً. اذ ان الجدل الساخن الذي أشعلته عودة لبنان الى حقبات الاخطار الاقليمية وخطاب السيد حسن نصرالله سيضع هذه الذكرى الآتية في موقع آخر خصوصاً مع التداعيات التي سيثيرها ايضاً الحدث المفجع امس بسقوط ضحايا لبنانيين ابرياء على يد الارهاب في دمشق والتي ستعيد نكء مسألة التورطات اللبنانية في الحرب السورية وانعكاساتها على كل المستويات.
نسارع لنقول ان عشر سنوات من ردح سياسي يدور في دوامة عقيمة بين فريق ٨ آذار الذي يقطره “حزب الله” وفريق ١٤ آذار الذي لم يتمكن من فرض اتجاهاته في معادلة توازن قوى مع الحزب بلغت اليوم نقطة الذروة في وضع الفريق الثاني لا الأول امام استحقاق الخيارات الوطنية القصوى. بمعنى ان فريق ١٤ آذار لا يمكنه بعد مرور عقد من نشأته ان يبقى محاصراً في الموقع التبريري ولا يجترح شيئاً ما ينقله الى موقع تقريري يبني استراتيجيات تتجاوز مسألة حقوق الدولة او الأصول الدستورية او سواها من مبادئ فيما خصمه وشريكه الاقوى يمضي قدماً في معادلات القوة وفرض أجندته بكل حذافيرها بمعزل عن كل مخاطرة بالشركة السياسية في الحكومة والدولة.
من هذا المنطلق نفسه سيتضاعف بقوة جارفة التشكيك في الحوار الثنائي الجاري بين تيار المستقبل و”حزب الله” بعد خطاب السيد نصرالله، وهو أمر بديهي للغاية. ومن المنطلق نفسه ستتعاظم المخاوف على بقايا مهابة رسمية وحكومية في التزام القرار الدولي ١٧٠١ المهدد بالسحق بجولات اللعب الاقليمي على حافية الهاوية. فماذا تراها فاعلة قوى ١٤ آذار تحديداً بإزاء هذا الخطر؟ وماذا عن أمر أشد خطورة من استحالة انضواء “حزب الله” في شركة فعلية خالصة وملتزمة للقرارات المصيرية؟
لعلنا لا نغالي ان قلنا ان زمن طرح الخيارات الكبرى المصيرية حول هيكلية الدولة ووحدتها ومآل النظام في ظل التمزق المتمادي بين معادلة القوة من خارج الدولة ومعادلة الدولة السوية الطبيعية قد حان طرحه هذه المرة على أيدي فريق ١٤ آذار نفسه لا غيره. فذكرى ١٤ شباط تحضر هذه المرة بهذا المعنى الشديد الخطورة وعبثاً اي استعادة واي موقف لا يكون بمستوى ما يجري من تقويض لأسس ما يسمى شركة وطنية.