يصادف انعقاد الجلسة الـ37 لانتخاب رئيس الجمهورية في 23 آذار مرور سنتين تماما على بدء المهلة الدستورية في 25 آذار 2014 الذي يبدأ به احتساب مدة أزمة الفراغ الرئاسي واقعيا . لم تعد عدادات الأزمة تعني شيئا للبنانيين ، ولكن الخطورة التي تكتسبها ” ذكرى ” السنتين على بداية الفراغ ستجعل الوقع المعنوي لمرور الجلسة المقبلة كسابقاتها أشد وقعا انطلاقا من عامل حصري يتمثل في ان هذه الجلسة ستؤشر الى اخفاق آخر المحاولات لإختراق الأزمة عبر ترشيحين يستحيل بعدهما الذهاب الى أبعد مما ذهب اليه الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع في تزكية ترشيح النائب سليمان فرنجية والعماد ميشال عون تباعا فيما تستهلك الأزمة الإحباطات المتعاقبة. ولعل ما بدأ يطفو على سطح الأزمة يثبت للذين لم يأخذوا مع مطالع الأزمة بتوقعات متشائمة سادت آنذاك ان هذه الأزمة لن تكون قصيرة وعابرة وسهلة وانتقالية بل شكلت من أساساتها نذير ربط للواقع اللبناني نظاما ومصيرا بالأزمة السورية بحيث لن يكون فكاك بينها وبين ما يرسم لسوريا من سيناريوات . ولكن على رغم أحقية بعض ما سدد الى فريق ١٤ آذار السياسي من سهام وانتقادات ولوم حيال إدارته للمعركة مع فريق التعطيل في السنتين المنصرمتين، ليس من العدالة إنكار ذهاب هذا الفريق الى حدود تعريض صفوفه الى الإهتزاز الكبير في اثبات ارادته في انتخاب رئيس للجمهورية ما دام ركنان رئيسيان فيه ذهبا الى ترشيحين اعتبرا لدى رافضي هاتين الاستدارتين من داخل التحالف وخارجه بمثابة استسلام غير مقبول في قواعد الصراع السياسي والمعركة الرئاسية . أثار الترشيحان الخشية الواسعة من ترسيخ فقدان التوازن السياسي بما يمهد لتبديل هيكلي للنظام القائم بعد الطائف وتاليا بداية تغيير لمجمل المعادلة التي قام عليها هذا التوازن أقله من الناحية الدستورية والسلطوية عقب انسحاب الوصاية السورية من لبنان . ربما لم يعد كل ذلك يعني الكثير للناس امام تناسل الأزمات وتعميم فوضى لا سابق لها أغرقتهم حتى العظم في مشكلات ومآزق بائسة كاد معها الوطن المتباهي بنجاته من حروب الفتنة يختصر بأزمة النفايات . ومع ذلك تبقى لعملية إعادة وضع الحقائق في نصابها دلالاتها الحتمية والمفروضة لان عمى الغبار المثار حول اليوميات البائسة للبنانيين يتهدد الرمق الأخير من قدرة اللبنانيين على التمييز بين الحقائق والتضليل الدعائي الوقح . غدا ، كما في الأمس وقبله ، لن يكون نظام ولا إنقاذ ما دام من تسبب بكل هذا الهول لا يخشى المضي في تعليق المصير اللبناني برمته وتحويل لبنان ساحة وسيطة للصراع الاقليمي والحروب الباردة الصاعدة على إيقاع خرائط الشؤم الجديدة في المنطقة . وستذهب المسؤوليات عن دمار فراغ السنتين وما بعدهما الى قيد “المجهول ” تماما كما ذهبت من قبل كل الحروب .