لا جديد على صعيد تشكيل الحكومة، وكل الأبواب أمام التأليف مسدودة، فالرئيس المكلف ثابت على موقفه، فلا تمثيل للنواب السنة الستة في الحكومة العتيدة، ولا تراجع أو تنازل عن التشكيلة التي أودعها رئيس الجمهورية قبل بضعة أسابيع، وحزب الله ثابت أيضاً على موقفه، لا تشكيل حكومة، ولا إيداع أسماء مرشحيه لدخولها الا بعد أن يرضخ رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لشرط توزير أحد النواب السنة، ولا تقدم على صعيد المساعي التي يقوم بها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل مع الأطراف المعنية لحل هذه العقدة التي استجدت بعد التوصّل إلى حل كل العقد الأخرى التي ارتفعت في وجه الرئيس المكلف، وأخرت التشكيل قرابة أربعة أشهر.
إذن، لا حل للأزمة الحكومية لا في المستقبل المنظور ولا قبل حلول العام الجديد كما يأمل المتفائلون بالاتصالات الجارية، ولا حتى بعد شهور الا إذا حصلت معجزة، وتخلى حزب الله عن شرطه وقبل بحكومة لا يتمثل فيها حلفاؤه النواب السنة الستة على أن يكون ذلك من حصة رئيس الجمهورية الذي يحتفظ بالتشكيلة المعدة بالثلث الضامن بينهم وزير من الطائفة السنية، كما روج لهذا الحل بين الأوساط السياسية بوصفه المدخل الوحيد للخروج من الأزمة الوزارية التي تعصف بالبلاد وتهدد بمخاطر كثيرة ليس فقط على الاقتصاد الذي ينهار بسرعة، بل على الاستقرار الأمني أيضاً الذي بدأ يهتز والدليل على ذلك ما حدث في الجاهلية وما سبق ورافق ذلك من استعراضات مسلحة لأنصار ومحازبي الوزير السابق وئام وهّاب في العديد من مدن وبلدات وقرى شوفيه، وما تناولته الأوساط من معلومات عن وجود مخطط مرسوم لزعزعة السلم الأهلي في البلاد، وقطع الطريق على كل من يرغب في ان تتجاوز البلاد قطوع أزمة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تنتظرها ملفات كثيرة وهامة، ليس أولها الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية للحصول على المساعدات الدولية التي أقرت في مؤتمر سيدر والمخصصة لمساعدة لبنان لتجاوز أزماته الاقتصادية والاجتماعية والبنيوية، والوقوف على رجليه أمام الاخطار التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط ولا سيما بعد المواجهة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران على خلفية العقوبات التي وضعها الرئيس ترامب؟
والسؤال: هل لا يزال الحل لهذه الأزمة التي تضغط على لبنان ممكناً أم أن الامور تسير نحو الأسوأ؟ البعض لا يزال يأمل في أن يعي المعرقلون شر أعمالهم، فيتنازلون عن التمثيل السنيّ حرصاً منهم على تجنيب البلد الأسوأ، كما يرددون دائماً وفي كل المناسبات، إلا أن التمني شيء والواقع شيء آخر وهو يدل على ان الذين وضعوا العقدة السنية ليسوا في وارد التنازل عنها، مدّعين الحرص على الاستقرار الأمني وعلى ما تبقى من الدولة، لكن كل مواقفهم وتصرفاتهم تدل على انهم متمسكون بهذا الشرط ولو انهم يعرفون تماماً انه مفتاح لمشكلة عميقة، تضع البلد كلّه على كف عفريت، وهناك أكثر من مؤشر على ذلك.