IMLebanon

في الطائرة إلى الكويت

 

وقفت إلى جانبي في الـ “سوبر ماركت” الشعبي. تبدو في منتصف العقد الثامن. ترتدي فستاناً رمادياً أنيقاً. تفحّصت علب التونة، قلّبتها، زمّت شفتيها وأخرجت اوفففف طويلة كأنها آخ آخر العمر. ثم تحوّلت إلى علب السردين، وما إن تلاقت نظراتنا حتى صدر منها كلام أقرب إلى الهمس: “ما بحياتي يا إبني قريت السعر، وما بحياتي فتشت على علبة سردين ولا أكلتها”. تناولت علبتي سمك سردين وغادرت تجر سلة شبه فارغة وعمراً مكسوراً.

 

نظرت إلى ساعتي وكانت تشير إلى التاسعة وخمس دقائق، إذاً مضت عشرون دقيقة على انطلاق الطائرة الرئاسية المتوجهة إلى الكويت. تُرى ماذا سيحكي الرئيسان بري وعون في ساعتين وعشرين دقيقة لقتل الوقت من مطار رفيق الحريري الدولي إلى مطار الكويت الدولي؟

 

سيتحدثان عن الصحة أولاً، والوقاية في هذا العمر وعوارض النسيان. سيسأل بري الجنرال على سبيل المجاملة: كيفو جبران؟ “هلأتني منيح”. بعدو بالـ “سبيطار”؟ سيخرج آخر الأسبوع. طق قلبو يسلملي، قال رئيس الجمهورية فعقّب بري “جبران أبينخفش عليه إسا”. وبدوره سيسأل صاحب الفخامة أخاه نبيه إذا عاد حس بشي؟ رمل؟ بحص؟ تقطيش؟ ضغط. لينهي الإستجواب بحكمة “الصحة يا نبيه تاج على رؤوس الأصحّاء، لا يراه إلا المرضى”، ويفتح الرئيسان “شابيتر” عن أهمية رياضة المشي لمن هم في سنهما “أنا أزرع يومياً الكوريدور في فناء عين التينة ذهاباً وإياباً، لساعة بعد الظهر أو أكثر” يقول “الإستيذ” فيعلق الجنرال “أنا أزرع ليحصد جبران” وضحكا مثل طفلين معاً…

 

وانتقل الحديث إلى الإنتخابات الأميركية، وتأثير إصابة دونالد ترامب بالكورونا على المعركة الرئاسية “أنا أرسلت إليه وإلى مدامتو مادلين تمنياتي بالشفاء”.

 

“ميلانيا مش مادلين” صحح دولة الرئيس.

 

• شو بيعرفني يا نبيه، الدنيا دولاب، انشالله مادلين ودونالد يظمطوا من الكورونا…بالمناسبة كيف شايف الوضع. قولتك فيه حكومة؟

 

– أبعرفش. هل ستجري مشاورات نيابية قريباً؟

 

• ناطر ماكرون. مخفي حسّو. لم يتصل. لم يقل شيئاً. إنعدام مسؤولية. يا إبني يا إيمانويل بدأت بشغلة إنهها. وتابع متنهداً “الله يقطّع هالمرحلة على سلام، ولازم يكون عنا حكومة بعد الإنتخابات الأميركية. ألديك فكرة إذا بيقبل نجيب؟

 

– سأتصل بالرئيس ماكرون كي “يستنبشه”.

 

• العماد عون محاولاً تغيير مجرى الحديث: بيحبوك كتير بالكويت يا نبيه؟

 

– وأنا احبهم وكما تعلم لقد أطلقت إسم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على مشروع ري الجنوب على منسوب 800 متر.

 

الرئيسان يثرثران في الطائرة. والسيدة العجوز تتأمل علبة السردين.