الأزمة الأم هي تلك المتعلقة بالنفايات، وقد نتج عنها حتى الآن عدد متصاعد من الأزمات المتفرعة عنها. أغربها هو أن من وجدنا فيهم نافذة أمل للحل، أن يتحولوا الى باب دوار يضيف أزمة جديدة الى الأزمة الأم العالقة في دورانها حول الباب المذكور! وقبل أي تعليق أو ملاحظة، لا بد من التأكيد أولاً على ان الحراك المدني بكل مكوناته هو ظاهرة وشريفة تثبت أن الشعب اللبناني لا تزال فيه عروق حية تنبض، وانه لم يسقط في الكوما بعد، أو لم ينسطل بعد بتأثير المخدرات الفئوية أو الطائفية التي يحقنه بها بعض السياسيين. وتستحق مكونات الحراك المدني المؤازرة والدعم والتعاطف بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، لأنها ذات أثر فعلي وملموس – ولو جزئياً – في الضغط على أهل القرار، والحد من التعسف في استخدام الفساد للمصالح الخاصة. وقد يكون لحملة طلعت ريحتكم شرف الريادة في هذا المجال…
***
قيادة هذه الحملة أحدثت أمس إرباكاً في العاصمة بقرارها المتفرد بقطع الطرق أمام المواطنين عند مداخل العاصمة. والزعم بأن هذا التصرف هو ل مصلحة المواطنين لا يقنع أحداً. والمجتمع المدني الذي أيد الحراك في الساحات أو في النبض العام ولو من البيوت، كان ذلك لدعم المطالب التي يرفعها فقط، وليس بالضرورة السلوك الذي يقوم به بعض مكونات هذا الحراك. قطع الطرق هو ثقافة خاطئة وممجوجة، ومن المؤسف أنها تحولت الى اقتناع شبه عام، وبأن يتحول كل صاحب حق، الى قاطع طريق! ولعل هذا حدث بسبب الحكم الفاشل والحكومات العاجزة المتعاقبة، وآخرها هذه الحكومة التي سجلت أرقاماً قياسية في الفشل وفقدان الهيبة، وفي التقاعس عن حفظ حقوق المواطنين، وأبسطها وأكثرها بداهة، هو الحق في استخدام الطريق بشكل آمن ودون عوائق.
***
اذا تحول الحراك المدني الى سباق على الزعامة بين مكوناته، فهذا يعني نهاية هذا الحراك عاجلاً أم آجلاً، وسيتحول لاحقاً الى حالة أسوأ مما نراه في الحكومة اليوم! –