Site icon IMLebanon

على هامش التلزيمات والمناقصات أمَا لصندوق السرقات من قَعِر؟

في إستطلاع أجرته إحدى الإذاعات العالمية عن الأسباب التي تدفع المواطن البريطاني إلى التصويت لصالح الخروج من الإتحاد الأوروبي، قال أحد المواطنين البريطانيين العاديين:

أنا عاطلٌ عن العمل فيما وافدون من دول الإتحاد الأوروبي يجدون عملاً بطريقة أسهل مني، كما أنَّ أموال خزينة بريطانيا يجب أن تبقى للبريطانيين.

واضحٌ من كلام هذا المواطن البريطاني أنَّ الهاجس الإقتصادي والنقدي يتحكَّم بخيارات البريطانيين، على رغم أنَّ بريطانيا ما زالت إمبراطورية خصوصاً على المستوى الإقتصاد والبورصة والصناعة والتجارة، والأهم من كلِّ ذلك، التاريخ والثقافة والعراقة. وهي لهذه الأسباب قالت في الإستفتاء أنَّها لن تفرِّط بما تملك.

***

إذا كانت بريطانيا هكذا، فما بالنا نحن، معشر اللبنانيين، الذين لا نملك شيئاً؟

إنَّ ثقافتنا هي ثقافة تفريط بكل شيء تقريباً، فالسياسيون الذين يفرطون ببنود الدستور، كيف لهم أن يحترموا القوانين؟

والمسؤولون الذين يُمرِّرون الصفقات، كيف لهم أن يحافظوا على خزينة الدولة؟

من هذا الباب ندخل إلى إحدى صفقات العصر التي يتداولها الناس من باب الهدر حتى في نفاياتهم، فما يجري على مستوى تلزيم معالجة النفايات لا يمكن أن يسكت عنه عاقل، وما يسأله المواطن هو:

كيف تتم التلزيمات والمناقصات والتركيبات داخل مجلس الإنماء والإعمار؟

كيف تتم التطبيقات بين المجلس من جهة والشركات من جهة ثانية، لتصل في نهاية المطاف معلَّبة وموضبة بحيث يأخذ كل فريق حصته؟

لو لم يُكشَف الفارق في الأسعار بين مناقصة كوستابرافا وبين مناقصة برج حمود، لكانت مرَّت ومُرِّرَت لتخسر من جرائها خزينة الدولة ملايين الدولارات.

***

هنا يجب أن تُطرَح جملة أسئلة أيضاً، ومنها:

كم من التلزيمات والمناقصات جرت على السكت في مجلس الإنماء والإعمار؟

ما هي نسبة الهدر فيها؟

وإلى جيوب مَن ذهبت؟

إنَّ مجلس الإنماء والإعمار مسؤول عن المناقصات والتلزيمات منذ نحو ربع قرن، فإذا كان في مناقصة واحدة إنكشف هذا الكم من الهدر والفساد لتمرير المناقصة، فكم من سمسرات تمَّ تمريرها على مدى ربع قرن؟

ما هو حجم المبالغ الذي دُفِع؟

ولمَن دُفِع؟

إذا كان مطمر واحد قد كشف كل هذه الموبقات في الصفقة، فماذا عن التلزيمات الأكبر والأكثر كلفةً أو سخاءً؟

هل المعادلة أصبحت:

كلما إرتفعت الكلفة كلما كان السخاء للمستفيدين أكبر؟

***

إنَّ الورشة الإصلاحية الحقيقية يجب أن تبدأ بوضع اليد على كل الملفات بواسطة النيابة العامة المالية، والمطلوب اليوم قبل الغد توسيع نطاق هذه النيابة العامة المتخصصة ليكون بإمكانها حصر كل الملفات والبدء بالتحقيق فيها.

***

ليس المطلوب فقط وضع حدٍّ للهدر والفساد، فالجرمان لا يمر عليهما الزمن، ولهذا المطلوب العودة بالملفات إلى الوراء، وإلا لن تقوم قائمة للبلد.