Site icon IMLebanon

..على درب رفيق الشهادة

 

حتى بعد استشهاده.. لم يتفرّق الشمل. فقد دفع الرئيس الشهيد رفيق الحريري ثمن حرية لبنان وديموقراطية الشعب اللبناني ومعارضة النظام السوري غاليا جدّاً.. الكل دفع الثمن من الرئيس الشهيد الى الوزير الشهيد محمد شطح، فقد شكّلت دماء شهيد الاستقلال الثاني طريق العبور من ديكتاتورية نظام الأسد الى ثورة شعبية استراتيجيتها العلم اللبناني وتكتيكها ثقافة وكلمة حرة وقوامها.. شهداء محتملون!

في منطقة «السان جورج« في بيروت، ومع الرئيس الشهيد رفيق الحريري سقط 7 مرافقين: يحيى العرب، طلال ناصر، مازن الذهبي، محمد درويش، محمد غلاييني، عمر المصري، زياد طراف، و10 مدنيين: عبد الحميد غلاييني، آلاء عصفور، جوزف عون، رواد حيدر، يمامة ضامن، عبدو أبو فرح، هيثم عثمان، ريما بزي، صبحي الخضر وزاهي أبو رجيلي. وإن كانت المصادفة، آنذاك، التي قد تجمع أي مواطن لبناني مع الرئيس الحريري، رجل مرحلة الإعمار والسلم، حدث لن يتكرر.. فإن الإجرام حوّل اللقاء الى لحظة غدر تضمر الإحتمالية! الاحتمال السلبي طغى، فبعد 64 يوما من الحروق التي طالت 65 % من جسمه، توفي الوزير الشهيد باسل فليحان متأثراً بجروحه، فضمّ جراحه الى جراح الرفيق واختفيا..

بعد وقت ليس بطويل، في 2 حزيران 2005 كانت الأهداف تتنقل بين السيارات والشوارع والطرق. زرع المجرم قنبلة في سيارة الصحافي سمير قصير، الذي كان يشكل مضخّة الروح الإستقلالية في خيمة الحرية.

لا.. لم ينقضِ شهر واحد، أقلّ: 19 يوماً. لم يعرف أحد إن كان جورج حاوي هو من اشتاق الى رفيق وباسل وسمير، أم أن الثلاثة افتقدوه. «أبو أنيس« ثائر في اليسار وثائر في الأرز ومن أجله، وشارك في ثورة الأرز وحلم بالربيع العربي.

إشباع رغبة المجرم لم يكن سهلا على الرغم من «دسامة« الأهداف، هم خيرة الشباب.. ربما كان على المحرّض أن يقتل بذاته حتى يشبع رغبته بالإنتقام ممن حملوا علم لبنان ونزلوا الى الساحات.. لكن هل كان بإمكانه أن يقتل المليون؟ عبثا سيحاول، إن إجرامه لم يقدر على إسكات النائب والصحافي جبران تويني الذي كسر بقلمه الحرّ 30 سنة من الوصاية. قسم جبران أزعج المجرم، كما أزعجته معارضة رفيق وإخلاص باسل وجرأة سمير ووفاء جورج. لم يخافوا أن يلحقوا برفيق الحريري، فلا شكّ أنهم كانوا يعلمون أو يشعرون بأنهم مشاريع شهداء كل لبنان.

وإن كان استشهاد رفيق الحريري افتتاحية الإستقلال الثاني، فإن الوزير الشاب بيار الجميل كان شهيد الإستقلال في 21 تشرين الثاني 2006 برصاصات غادرة خرقت صدره. كان الجميل يتنقل بحرية وإن مموّها بسيارات عادية لا تشبه سيارة الحريري، ليس لأنه لم يكن يتوقّع اغتياله وإنما لأن الوطن بالنسبة إليه يستحق التضحيات. ترك زوجته وطفليه وأهله، والتحق بيار برفاقه. ولأنه كان صعبا على مرافقه سمير الشرتوني أن يفترق عنه، فكانت البطولة مكافأة لمن رافق بطلا.

وقضى المجرم على حياة القاضي الذي كان صديقاً مقرّباً من الرئيس الحريري بسيارة مفخخة: النائب وليد عيدو. لم يكن وحده، كان برفقة نجله الأكبر خالد ومرافقيه: سعيد شومان وفارس ديب وصودف مرور لاعبي نادي النجمة حسين دقماق وحسين نعيم ومواطنين. إغتيال عيدو لم يكن مفاجئاً بالنسبة إليه، فقد أفصح عن ذلك قبل الاغتيال في تصريح له «من يقتل رفيق الحريري.. يقتل وليد عيدو«.

بعد أشهر قليلة، في 19 أيلول 2007، كان عدد الشهداء من سياسيين ومرافقين ومواطنين أصبح كبيراً، وإن يفنَ الجسد فالروح لا تموت، تحوم حول المحبّين وتشتاق الى الأصدقاء ورفاق الدرب وتدور لتطمئن الى الجميع، لكن الروح الخيّرة لا تخطف ولا تغدر، بل تستقبل بشوق ضحايا الإجرام والإرهاب، فكان الضيف هذه المرة النائب أنطوان غانم بعد يومين من عودته الى لبنان مع مرافقيه نهاد غريب وطوني ضو. المجرم، بروح الشرّ التي تتملّكه، كان يترصّد الجميع بنيّة قتلهم، فكان نصيبهم أن التقوا برفاقهم.

سكون المجرم من العام 2007 حتى العام 2012 لم يكن مصادفة، فرغباته غير الآيلة الى الإشباع وجموحه الشرير كانا يدفعان به الى اصطياد هدف «حسن« من رفاق الرفيق، في 19 تشرين الأول 2012 اغتيل العميد وسام الحسن مع مرافقه و8 شهداء في انفجار كبير وقع في الأشرفية، في مشهد يذكر بجريمة 14 شباط، بعدما كشف خيوط الجريمة وسلّم الأمانة للمحكمة الدولية وحقق في ملف «سماحة – مملوك«، ويخلد الشهيد اللواء مع مرافقه أحمد صهيوني الى جوار الرفاق بعد عودته بيوم واحد من فرنسا.

والى نخبة الرجال انضم وزير المالية السابق ومستشار الرئيس سعد الحريري محمد شطح الى قافلة الرفاق الشهداء في 27 كانون الاول 2013، يرافقه طارق بدر. كان في طريقه للقاء رفاقه في بيت الوسط بعدما حرّك قضية لبنان في أروقة الأمم المتحدة، وأرسل كتابا الى الرئيس الإيراني آنذاك. لم يصل شطح في الموعد المنتظر، الموت سبقه والمجرم غدر به.. من كان ليتوقّع أن يكون الهدف هذه المرة محمد شطح، فقد ردّد مرات عدة بنفسه «أنا معتدل فلن يستهدفوني«. لكن الواقع أن يد الإجرام امتدت الى المعتدلين لأنها كانت تخافهم، قصقصت أجنحة الحرية لكنها كانت تنمو ضعف الضعف. لكل الشهداء صورة تخلّد ذكراهم في عدسة من استشهد مع الوزير الشهيد محمد شطح محمد الشعار، حمد ناصر منصور، كيفورك تاكاجيان، صدام الخنشوري (سوري)، وشخص مجهول الهوية.