IMLebanon

علامَ ينطوي الجدل حول ربط السلسلة بالموازنة؟ كباش جديد على المشروع والتسوية المالية المرتقبة

ليس الجدل حول ربط مشروع سلسلة الرتب والرواتب بمشروع الموازنة لهذه السنة، المطروح على طاولة مجلس الوزراء، في محله أو في التوقيت المناسب له. وهو لن يؤدي إلى إقرار السلسلة أو الموازنة، لكنه حتماً سيبرز مستوى الاستخفاف الذي بلغه التعامل الرسمي مع الملفات الاساسية التي تعنى بشؤون الدولة والمواطنين على السواء.

جلستان لمجلس الوزراء خصصتا لدرس مشروع موازنة 2015، كانتا أساساً نتيجة تفاهم سياسي مسبق بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة على ضرورة الشروع في معالجة ملف المالية العامة. للرئيس بري حرص على إنجازه من منطلق إعادة الروح إلى المجلس وتفعيل عمله، وإن من باب تشريع الضرورة. وللرئيس السنيورة حرص على إقرار موازنة تقفل بنتيجتها الحسابات المالية العالقة منذ عام 2005، تاريخ إقرار آخر موازنة، وتعيد الانتظام الى المالية العامة.

لكن المفارقة أن الجلستين لم تلامسا المشروع، أرقاماً أو بنودا قانونية، بل عُلق النقاش على مسألة الربط بين السلسلة والموازنة. وهذا طبيعي بما أن وزير المال علي حسن خليل قد أرفق المشروع الاساسي بملحق يتضمن مشروع السلسلة ويلحظ الموارد المالية المطلوبة لتغطيتها والبنود الضريبية المرتبطة بها، من دون أن يقرن ذلك بأوجه إنفاق هذه الموارد على السلسلة.

وهذا الالتباس دفع عدداً من الوزراء، ثم نواباً من “المستقبل” و”القوات اللبنانية” إلى الاعتراض على غياب مبدأ الشمولية عن الموازنة والدعوة إلى ضم السلسلة اليها بكل أرقامها المتعلقة بالتكلفة وكيفية توزعها وبالموارد المقترحة لتغطيتها.

ولأنه كان الاجدى أن يتركز النقاش على أرقام الموازنة والسلسلة ضمناً، فقد جاء النقاش حول مسألة الربط في غير محله وفي غير توقيته، لأن هذه المسألة كان يفترض أن تكون حسمت قبل الشروع في مناقشة المشروع بفعل قرار سياسي يتخذ على مستوى القوى السياسية ويجيب عن السؤال الآتي: هل ثمة رغبة حقيقية في إقرار موازنة تعيد الانتظام الى المالية العامة وتترجم التوجهات المالية والاقتصادية لسياسات الدولة وإستراتيجياتها بعد عشرة أعوام من الانفاق العشوائي وغير المنتظم؟ وهل ثمة حرص جدي على قفل الملف المالي عبر إنجاز قطع الحسابات وإخراج هذا الملف من التجاذب السياسي والاتهامات؟

قبل أسبوع، وفي لقاء جمعهما، كشف الوزير علي حسن الخليل امام الرئيس فؤاد السنيورة أنه إتضح له أن قطع الحسابات منجز، فما كان من السنيورة الا أن طلب من وزير المال إبلاغ ذلك الى رئيس المجلس.

وفُهم أن التفاهم حصل في حينها على ضرورة التعجيل في إنجاز الموازنة، مع ما يستتبعه ذلك من إنجاز لقطع الحسابات بما يتيح إقرار المشروع ( لأنه لا يمكن إقرار الموازنة قبل إقرار قطع حساب عام 2013، وتالياً حسابات الاعوام السابقة).

في أي حال، لم تنته فصول الازمة المستجدة التي اوصلت ملف الموازنة والسلسلة إلى مأزق، قد يتحول في مرحلة لاحقة إلى حقل محفوف بالالغام تطيح أي توقعات إيجابية في هذا الشأن، الامر الذي يدفع الحكومة إلى رمي كرة الموازنة في مجلس النواب. ذلك انه حتى لو تم إقرار المشروع حكومياً، وإحالته على اللجان النيابية لدرسه، فإن وصوله إلى الهيئة العامة يصطدم بواقع إنجاز التسوية المالية على الحسابات العالقة، معطوفاً على الرفض المسيحي للتشريع في غياب الرئيس!

على أهمية التحدي الذي يفرضه إقرار سلسلة الرتب والرواتب ضمن الموازنة، لما يرتبه من أعباء مالية تلقي بثقلها على إقتصاد مترهل ومستوى معيشي متردّ، فإن ثمة تحديات اخرى لا تقل أهمية، لا بد من أخذها في الاعتبار، منها ما يرتبط بنسبة العجز المرتقبة في ظل الارقام العالية للإنفاق مقابل إيرادات متواضعة، مشكوك في تحصيلها، في ظل تراجع إقتصادي وبطء في النمو.علما أنه حتى اليوم، لا يزال التناقض واضحاً في ارقام السلسلة بين ما قدمه وزير المال وما خلصت اليه اجتماعات اللجنة النيابية برئاسة النائب جورج عدوان، والتفاوت يعود الى الزيادات الملحوظة للسلك العسكري ( الرواتب وتعويضات التقاعد ونهاية الخدمة).

في موازاة ذلك، يبدو الاهتمام مقتصرا على مسألة أرقام بمعزل عن أي توجهات لسياسات الحكومة المالية والاقتصادية لتحفيز النمو وتشجيع الاستثمار، أو لضبط الانفاق وترشيده بعد اعوام من التفلت والعشوائية، أو لضبط الدين.

وفي إنتظار البدء بتفنيد ارقام الموازنة وبنودها، ثمة من يسأل عن بند تمويل المحكمة الدولية، الغائب عن المشروع، عمداً أو بسبب لجوء الحكومة منذ اعوام إلى “تهريب” التمويل من خارج الموازنات بسبب عدم إقرارها؟. سؤال يُطرح!