Site icon IMLebanon

علام ينطوي قرار نقل هيل من بيروت إلى باكستان؟

علام ينطوي قرار نقل هيل من بيروت إلى باكستان؟ لا أولوية للبنان وشخصية الخلف تعكس السياسة الأميركية

 

في قرار ملتبس من حيث توقيته ومضمونه، قرر الرئيس الاميركي باراك أوباما تعيين السفير الاميركي ديفيد هيل في باكستان، طارحاً بذلك أكثر من علامة استفهام حول الاسباب التي دفعت الى نقله من بيروت الى اسلام أباد قبل سنة ونصف سنة من انتهاء ولايته في العاصمة اللبنانية.

قبل ايام قليلة جدا، تلقى السفير الاميركي نبأ تعيينه الجديد، مما سيضطره الى الانتقال الى واشنطن لبدء الاجراءات الادارية المطلوبة تمهيداً لصدور الموافقة النهائية عن الكونغرس.

والاجراءات المشار اليها قد تستغرق بضعة أشهر، يمضيها هيل في بيروت قبل انتقاله النهائي الى مقر عمله الجديد. وهي مدة ربما تكون كافية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يقدم السفير العتيد أوراق اعتماده اليه، والا، فان ثمة ارباكاً ستشهده السفارة الاميركية نظرا الى الشغور الذي سيتركه رحيل هيل في المركز الاول في السفارة. ذلك أن نائب رئيس البعثة مايكل ادلر الذي كان يفترض أن يتولى مركز القائم بالاعمال في غياب السفير، غادر لبنان قبل نحو شهر ونصف شهر ولم يعين خلفه بعد.

والمفارقة ان قرار مغادرة هيل يأتي بعد بضعة أيام على موقفه الناري من “حزب الله” والذي حمّله فيه مسؤولية الضرر على الاستقرار اللبناني الناجم عن انتهاكه لسياسة النأي بالنفس، واتخاذه قرارات الحياة والموت نيابة عن كل لبنان، فلا يشاور أحداً، ولا يخضع لمساءلة أي لبناني، ويرتبط بقوى خارجية”، فضلا عن تحميله مسؤولية غير مباشرة في تعطيل الاستحقاق الرئاسي عندما دعا القوى السياسية الى وضع لبنان “قبل الحسابات الحزبية”.

بدا التناقض واضحاً في الاوساط السياسية المحلية حيال قراءة حيثيات القرار الاميركي. فثمة من رأى فيه ترقية للسفير هيل، باعتبار أن باكستان دولة مهمة جدا في السياسة الخارجية الاميركية وقد شغر موقع السفير فيها، فكان اختيار هيل لهذا الموقع نظراً الى الكفايات التي يتمتع بها والتي تبرز في سيرته الذاتية، فيما ذهب البعض الآخر الى ربط المغادرة بقرار أميركي بتخفيف اللهجة المتشددة التي عكف عليها هيل حيال “حزب الله” أو ايران.

وحقيقة الامر أن ثمة مجموعة من المعطيات او الثوابت حكمت مثل هذا الخيار، ويمكن ادراجها بالآتي:

– ان قرار نقل هيل ليس جديداً وهو متخذ منذ بضعة أشهر. وبدا ذلك من تلقف الخارجية اللبنانية القرار الذي لم يفاجئها نظراً الى معرفتها بالامر منذ وقت سابق، على ما كشفت مصادر ديبلوماسية رفيعة لـ”النهار”.

– ان اختيار السفير هيل لنقله من بيروت الى اسلام أباد يبرز الاولوية التي تعقدها الولايات المتحدة على العاصمة الباكستانية واختيارها لسفير مؤهل لادارة الازمة هناك، فيما لا يشكل لبنان اي أولوية في المرحلة الحاضرة بالنسبة الى الادارة الاميركية، ويمكن الافادة من خبرات هيل وكفاياته في الوقت الضائع محليا، في بلد آخر.

– ان هوية السفير الجديد ومواصفاته ستحدد اتجاه السياسة الاميركية المقبلة حيال لبنان من ضمن التوجه الاميركي الاقليمي. وينتظر أن يتعزز هذا الاتجاه بعد بلورة الاتفاق الايراني الاميركي. وفي رأي مصادر ديبلوماسية مطلعة أن السفير المقبل سينتهج سياسة مرنة أكثر تعكس التفاهم الاميركي – الايراني المرتقب.

– ان مواقف هيل المتشددة الاخيرة لا تخرج عن التوجهات الاميركية العامة حيال “حزب الله” والتي تهدف من خلالها الولايات المتحدة الى الحفاظ على التوازن المحلي والاقليمي، وتقدم تطمينات الى المملكة العربية السعودية حيال هواجسها من نتائج المفاوضات النووية. وبالتالي لا يمكن اضفاء أي بعد لهذه المواقف على اسباب مغادرة هيل، وهو الذي يطبق سياسة بلاده وتوجهاتها.

– ان استبعاد سفير قوي والاتيان بسفير ضعيف يضعف القوى السياسية الحليفة للولايات المتحدة في لبنان. وفي رأي مصادر سياسية قريبة من هذه القوى أن الادارة الاميركية ستأخذ هذا الامر في الاعتبار اذا كانت ثابتة في سياستها حيال لبنان.

في أي حال، وفي ظل استمرار الشغور في موقع الرئاسة الاولى، وفي انتظار الاعلان عن السفير العتيد، يبقى قرار قبول ترشيحه رهن مجلس الوزراء، اما قبول أوراق اعتماده فيظل رهن انتخاب الرئيس الجديد الذي يعود اليه حصراً مثول السفراء أمامه.