Site icon IMLebanon

على مَن سيرتد «حزب الله» في لبنان؟

ماذا سيفعل «حزب الله» في نهاية مغامرته السورية؟. على مَن سيرتدّ في لبنان ولمَن سيهدي انتصاره الوهمي الذي جلب له عداء الشعب السوري بأكثريته الساحقة؟. 

مهما طال الزمن، لا يمكن للشعب السوري إلّا أن ينتصر، وذلك على الرغم من كلّ المناورات التي تستهدف وحدة سوريا ووحدته الوطنية والتي تستهدف، بين ما تستهدف، ابناء الطائفة الدرزية التي كانت دائما من أعمدة الكيان السوري، مثلما هي عمود اساسي من الأعمدة التي يقوم عليها لبنان.

كان «حزب الله» يستطيع الحديث عن «انتصار» بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان تنفيذا للقرار الرقم 425 الصادر عن مجلس الأمن. كان ذلك في مثل هذه الأيّام من العام 2000 . ولأنّه كان في الإمكان الكلام وقتذاك عن انتصار، تصرّف الحزب بطريقة حضارية، إلى حدّ ما، في جنوب لبنان.

بغض النظر عن الظروف التي احاطت بالانسحاب الإسرائيلي في تلك الأيّام، فإنّ المواطن اللبناني لا يمكنه تجاهل تضحيّات شبان بذلوا الدم من أجل تخليص الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي والانحاء أمام تضحياتهم.

كلّ ما بعد العام 2000 كان بحثاً عن انتصارات وهمية، كانت في الواقع انتصارات على اللبنانيين لا أكثر ولا أقلّ. جاء الآن دور السوريين ينتصر عليهم «حزب الله» لمجرّد أن ايران دعته إلى التورّط في الحرب التي يشنّها النظام على شعبه.

من اختراع قضية مزارع شبعا، التي رفض النظام السوري الاعتراف بلبنانيتها، وصولاً إلى التورط في الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه من منطلق مذهبي بحت، كان كلام كبير وكثير عن انتصارات ووعود. الكلام شيء. والواقع شيء آخر. هل يعتبر رفض تسليم المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه انتصارا؟. هل يمكن وصف نتائج حرب صيف العام 2006 بالانتصار؟.

جديد السنوات الأربع الأخيرة كان التورّط في سوريا. أخطر ما في الأمر ليس الطابع المذهبي لهذا التورّط فقط. هناك جانب آخر، من الضروري التركيز عليه. يتمثّل هذا الجانب في احتقار «حزب الله» للسيادة الوطنية اللبنانية وما بقي منها وارسال مقاتليه إلى سوريا من دون أخذ في الاعتبار للحدود القائمة بين بلدين مستقلين يوجد تبادل للتمثيل الديبلوماسي بينهما، أو هكذا يُفترض.

ذهب «حزب الله» إلى سوريا في ظلّ حسابات ايرانية. في النهاية، الحزب لواء في «الحرس الثوري» الإيراني والأمين العام للحزب يقول صراحة أنّ مرجعيته هي الوليّ الفقيه في ايران وليس الدستور اللبناني. لم يكن ذهابه إلى سوريا مستغرباً سوى لدى الذين لا يعرفون شيئاً عن طبيعة الحزب وعن كونه استثماراً ايرانياً في لبنان. صار الحزب الآن استثماراً ايرانياً في لبنان وسوريا وحتّى في البحرين واليمن وربّما في دول عربية أخرى في المنطقة.

في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، سيتغيّر الوضع في سوريا جذرياً. النظام الذي يدافع عنه «حزب الله» صار في مزبلة التاريخ. هذا عائد أوّلاً وأخيراً إلى أن النظام، الذي تاجر بالسوريين واللبنانيين والفلسطينيين طوال نصف قرن تقريبا، مرفوض من شعبه. الكذبة التي اسمها النظام السوري طالت أكثر مما يجب بكثير.

ما نفع التلال «الشامخة» التي يسيطر عليها في القلمون وغير القلمون فيما المعارك الحقيقية تدور في محيط دمشق وفي حوران حيث سقط اللواء 52. هذه المعارك الحقيقية تقترب من الساحل السوري حيث الثقل السكّاني العلوي.

ماذا سيفعل «حزب الله» بعد طيّ صفحة النظام السوري نهائيا؟. إلى أين سيذهب لتحقيق انتصارات جديدة تضاف إلى انتصار تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان عبر اداته المسيحية المعروفة؟.

هناك سلسلة من الأسئلة تطرح نفسها، بل تفرض نفسها. من بين هذه الأسئلة سؤال متعلّق ببلدة عرسال التي لا تزال ايران تعتقد أنّها عقبة على طريق قيام دولة علوية ذات امتداد في الداخل اللبناني، في مناطق دويلة «حزب الله» البقاعية تحديدا. ستكون مهمّة الحزب حماية هذه الدولة العلوية. 

من الطبيعي التساؤل كيف سيتعاطى الحزب مع عرسال التي باتت في حماية الجيش اللبناني. هل جريمة عرسال أنّها بلدة سنّية لجأ إليها السوريون الذين هجّرهم «حزب الله» من قراهم وبيوتهم، كما حصل في القصير مثلا؟.

ما هو طبيعي أكثر التساؤل كيف سيتعاطى الحزب مع المعترضين على سلوكه داخل الطائفة الشيعية؟. هؤلاء، اعترف حسن نصرالله أخيرا بوجودهم وسمّاهم «شيعة السفارة». إنّه تنازل كبير من جانبه، هو الذي كان يرفض في الماضي الاعتراف بوجود تيّار شيعي مستقلّ يؤمن بمشروع الدولة اللبنانية. 

الأكيد أنّ الذين هاجمهم الأمين العام لـ»حزب الله» ليسوا شيعة السفارة الإيرانية ولا أي سفارة أخرى. لو كانوا كذلك، لكان في استطاعتهم التورّط في ذبح الشعب السوري وتعطيل الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان إلى ما لا نهاية…من دون حسيب أو رقيب، أقلّه إلى الآن. 

نعم، إلى الآن مع فقط كبيرة. ذلك أن المشاركة في الحرب على الشعب السوري لا يمكن أن تمرّ من دون محاسبة بغض النظر عمّا سيرتكبه «حزب الله» في لبنان من أعمال شنيعة لتغطية فعلته.