IMLebanon

متى يلتزم لبنان القرار 2178؟

 

أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2178 الذي دعا إلى نزع أسلحة جميع المقاتلين الإرهابيين الأجانب، ووقف جميع الأعمال الإرهابية أو المشاركة في الصراع المسلح في سوريا. القرار صدر في جلسة رفيعة المستوى حضرها ثلاثة عشر رئيس دولة وحكومة من أعضاء المجلس وعدد من كبار مسؤولي الدول الأعضاء الأخرى بالأمم المتحدة. وهي عقدت برئاسة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي. صدور القرار الدولي المُلزم يضع الحكومة اللبنانية المسماة حكومة «المصلحة الوطنية» أمام امتحان تفجيرها وسقوطها ووضع لبنان في فراغ حكومي بعد الفراغ الرئاسي والتشريعي الذي يفرضه تحالف قوى الثامن من آذار المؤيد لنظام بشار الأسد على النظام اللبناني. 

حكومة لبنان قائمة على التفاهم بين الأفرقاء اللبنانيين المؤيدين للثورة السورية من جهة، وبين الداعمين لنظام بشار الأسد من جهة أخرى ستكون على المحك بعد صدور ذلك القرار. فالميليشيات اللبنانية ذهبت الى سوريا وشاركت نظام الأسد في إرهابه وذبحه للشعب السوري على مرأى ومسمع من الأجهزة الأمنية اللبنانية وبسكوت من حكومة الوحدة الوطنية والقضاء اللبناني. استمرار هذه الميليشيات في إرهابها سيشكل عبئاً على الحكومة والشعب اللبناني بعد صدور القرار الأممي. وقرار مجلس الأمن الرقم 2178 يُلزم الحكومة اللبنانية بمنع تلك الميليشيات من الاستمرار في قتل الشعب السوري، كما يُلزم القرار الحكومة باتخاذ خطوات عملية لتجريم أعمال هذه الميليشيات.

ما يجري في لبنان منذ ثلاث سنوات هو أن القضاء اللبناني لا يجرم أي شخص ينتمي الى ميليشيا حزب الله أو أي ميليشيا أخرى مساندة للنظام السوري ذهب وقاتل في سوريا وارتكب أعمالاً إرهابية رغم مفاخرة تلك الميليشيات الصريحة بالقيام بتلك الأعمال الإرهابية، فيما يقوم القضاء والأجهزة الأمنية اللبنانية بملاحقة وإصدار أحكام بحق أي شخص لبناني مؤيد للثورة السورية ذهب للقتال في سوريا ولو مع الجيش السوري الحر.

السؤال المطروح هل يُصلح قرار مجلس الأمن الدولي القضاء اللبناني ويُصوب أعماله ويجعله يطبق مبدأ المساواة في الملاحقة بين جميع اللبنانين الذين ذهبوا الى سوريا؟ علماً أن المساواة هي مبدأ دستوري لبناني، أم أن قوة سلاح حزب الله ستستمر في منع القضاء اللبناني من الخضوع للدستور والقانون وستمنع لبنان أيضاً من الخضوع للقوانين والقرارات الدولية؟

الخطورة هي في الإجابة على هذا التساؤل. فإذا استمر حزب الله في قتاله في سوريا فإن ذلك سيرتب عقوبات على لبنان وعلى كل اللبنانيين. والأخطر من ذلك إذا لم تقم الحكومة بواجبها المفروض عليها بموجب القرار الدولي وجرمت إرهاب حزب الله في سوريا ولاحقت عناصره، فإن الحكومة ستكون حكومة تعارض القرار الدولي الملزم وهذا ما لا يمكن للبنان أن يتحمله لا اقتصادياً ولا سياسياً. ولكن الأخطر من الأمرين أن الحكومة إذا قامت بواجبها وطلبت من القضاء والأجهزة الأمنية الالتزام بالقرار الدولي وبالدستور والقوانين اللبنانية، وهو الأمر المستبعد، فإن ذلك الالتزام يفرض على القضاء اللبناني ملاحقة المتورطين الإرهابيين الذين ذهبوا الى سوريا من ميليشيا حزب الله وغيره، فإن الحكومة ستكون أمام خطر التفجير من الداخل وسقوطها ووضع البلد في فراغ حكومي بعد الفراغ الرئاسي والتشريعي لرفض حزب الله وحلفائه التوقف عن دعم نظام الأسد.

لعل قرار مجلس الأمن الأخير يعيد للبنان مبدأ المساواة بين جميع أبنائه، فيقوم القضاء بواجبه الصحيح وبملاحقة كل من ارتكب عملاً إرهابياً في سوريا ولا يكون الإرهاب الحقيقي الذي قامت به تلك الميليشيات اللبنانية التابعة للنظام السوري بمأمن من الملاحقة والتجريم. ولعل ذلك القرار يعطي السلطات اللبنانية جرعة قوة وأمل في تطبيق القوانين ونزع سلاح كل الميليشيات التي قاتلت في سوريا التزاماً بالقرار الدولي وأولها نزع سلاح حزب الله. وعندها يمكن القول إن لبنان بدأ يخرج من مفهوم حكم الميليشيات الى مفهوم الدولة الحقيقية