14 آذار 2005 – 14 آذار 2016. أحد عشر عاماً من عمر ثورة الحرية والسيادة والاستقلال وليس أي عمر آخر.
أحد عشر عاماً، ما زالت الثورة يافعة، هي ليست ثورة السياسيين الذين كانوا قبلها ويستمرون بعدها لكنهم ليسوا فيها.
14 آذار 2005 هي هؤلاء المليون ونصف مليون مواطن الذين نزلوا الى ساحة الحرية ولم يكن أحدٌ منهم يحمل هويته ليُعرّف عن نفسه، كانت حناجرهم تُعرّف عنهم وشعاراتهم تعرّف عنهم.
لم يطلبوا أمر مهمة من أحد، لم يستحصلوا على إذنٍ مسبق من أحد، لم يأخذوا تصريحاً من أحد، كل ما فعلوه هو انهم نزلوا من دون أن يتواعدوا، فكانوا عفويين في صرختهم، لم يُفكّروا سوى بأن ما بعد 14 آذار 2005 لن يكون قبله.
بعد أحد عشر عاماً، أين يقف المليون الذين نزلوا إلى ساحة الحرية؟ عند أي منصّة سياسي؟ وأيّ منبر يحتضنهم؟
إذا فكّرنا باللحظة السياسية الراهنة فإن عدم الرضى هو السائد، لكن إذا نظرنا إلى المسار العام للتطورات فإنّ عدم الرضى سيكون المُحفّز للإنطلاق مجدداً.
هذا ليس كلاماً غير واقعي لأنه يستند إلى وقائع وثوابت:
في 13 آذار 2005 كان الوضع مشابهاً لما هو عليه اليوم: إحباط وشبه يأس وتفكير بالهجرة، لم تكد تمضي أربع وعشرون ساعة حتى انقلب المشهد:
إنقلب الإحباط إلى عزيمة، وإنقلب شبه اليأس الى شبه أمل، ومَن كان يُفكّر في الهجرة بات يُشجّع مَن هو في الخارج على العودة.
كيف حصل ذلك؟ كيف كان ذلك؟ إنها إرادة الشباب وإرادة الشعوب، التي لا ينطبق عليها الميزان السياسي أو بصورة أدق ميزان السياسيين الذين أعادنا بعضهم إلى الوراء.
ولنكن واقعيين: العزيمة التي كانت موجودة في 14 آذار 2005 لم تعد الزخم ذاته اليوم، وذلك يعود إلى أسباب عديدة:
فالمتربّصون بلبنان لم يتراجعوا قيد أنملة، بدليل انّ الإغتيالات التي أعقبت آذار 2005 لم تتوقف، ومن المفيد التذكّر أنّ الكثير من قياديي ثورة الأرز وسياسييهم ونوابهم كانوا تحت الخطر، وفي أكثر من مرّة وُضِعوا في مكانٍ واحد لتسهُل عملية حمايتهم.
تقدّمت القضايا السيادية على القضايا المعيشية، فعاد كثيرٌ من الفاسدين الى سوابقهم. دائماً تحدث مثل هذه الأمور:
الأبطال يصنعون الثورات.
السياسيون يقطفون.
الفاسدون يشوّهون.
الأبطال هُم المليون ونصف مليون الذين نزلوا الى الشارع، هؤلاء لم ينقصوا وإنْ انكفأوا بسبب قطاف السياسيين وتشويهات السياسيين.
وفي أي لحظةٍ وطنية مناسبة فإنّ شعب 14 آذار يعودون لأن الثورة ما زالت في قلوبهم وعقولهم، إنما لأسباب مغايرة تماماً.