ما شهده مجلس النواب، أمس، في الجلسة السادسة والثلاثين كان متوقعاً حرفياً: من عدد النواب الذي تجاوز السبعين إلى حضور الرئيس سعد الحريري شخصياً، إلى غياب المرشح سليمان فرنجية الذي كان مدار تساؤلات في الأيام الأخيرة: يحضر أو لا يحضر، وهو كان حسمها عشية الجلسة بقوله إنه في فريق 8 آذار وبالتالي فهو ينسّق مسألة الحضور والغياب مع هذا الفريق حليفه، مشدّداً على «حقه الديموقراطي» في الغياب. وهو أصلاً كان قد أصرّ على «الحق بالغياب»، في لقاءات بكركي التي إنبثق منها مفهوم «الأقوياء الأربعة». ومن الواضح أنّ هذا الغياب من قبل سليمان بك لم يزعج الرئيس سعد الحريري. وأما إذا كان يزعجه فهو يتفهمه لذلك بدا، أمس، تحديداً، أكثر تمسكاً به مرشحاً للرئاسة رداً على مطالبات مباشرة ومضمرة من حلفاء بيت الوسط وبالذات الشيخين الجميليين إبني العمّ سامي ونديم. وبالتالي فإنّ «القاضي راضي»، وهو مرتاح كما يبدو وكما يقول، بل وكما يذهب الى حد تبرير موقف رئيس تيار المردة بـ»خصوصية» الديموقراطية اللبنانية. فلماذا يصر الآخرون (من فريق 14 آذار) على إبداء أنزعاجهم؟!
وقد لوحظ أن نائباً على الأقل في فريق 8 آذار يندفع في تأييد فرنجيه، هو النائب عاصم قانصوه! ويشرح لماذا: «لأنه الأقرب الى الدكتور بشار» كما يقول ويردد مراراً وتكراراً. وعندما قيل له: ولماذا لا «تنزل» (الى الجلسة)؟ قال: لأنّ الدكتور بشار لم يقل لي أن أنزل. ومتى يتخلّى عن دعم فرنجية؟ جوابه واضح: عندما يطلب منّي الدكتور بشار. وفي التقدير أنّ هذا الموقف (المتفرّد) يوحي به المهندس عاصم قانصوه بأنه يتلقى التعليمات من الرئيس السوري بشار الأسد وليس من حزب اللّه. فإلى أي مدى هذا الإيحاء دقيق؟ الجواب ليس قبل جلسة 23 آذار الجاري، وهو الموعد السابع والثلاثين الذي ضربه الرئيس نبيه بري للإنتخاب الرئاسي. ومن اليوم الى ما بعد ثلاثة أسابيع يخلق اللّه ما لا تعلمون وسط ساحة إقليمية تمور بالأحداث والتطورات المتسارعة من الهدنة السورية التي يبدو أن القطبين الأميركي والروسي جادّان في دعمها الى القرار الذي لم يكن مفاجئاً، وقد أصدرته، أمس، دول مجلس التعاون الخليجي معتبرة حزب اللّه (وسائر مؤسساته) حالاً إرهابية. وهو قرار كان منتظراً تجاوباً مع المملكة العربية السعودية التي خصها سماحة الأمين العام السيد حسن نصراللّه ليل أول من أمس الثلاثاء بوابل من سهامه في الإطلالة التي بدأت هادئة على صعيد الموقف الداخلي.
هل تكون جلسة 23 آذار حاسمة؟ وهل سيكون لنتائج الإنتخابات الإيرانية تأثير عليها؟! وما هو موقف حزب اللّه «الفعلي» من حلفائه الذين لا يبدون ميّالين الى إنتخاب الجنرال ميشال عون، وبالذات الرئيس نبيه بري ونواب كتلة «التنمية والتحرير»؟ والحزب الذي تؤكد المعلومات أنه لن يتوجه الى المجلس النيابي إلاّ على قاعدة «مرشح واحد من 8 آذار لا مرشحان» بات مطلوباً منه أن يحدّد قبل 23 آذار الجاري والفسحة الزمنية – 3 أسابيع – حتى ذلك الحين رحبة وتتسع ليقرر الحزب من يكون المرشح الواحد: الرئيس عون أو النائب فرنجية؟ وفي حال إتخذ هذا القرار هل سيؤدي الى شرخ فعلي في 8 آذار؟ وإذا لم يؤد الى الشرخ ماذا سيكون موقف كل من طرفي آذار إزاء المرشح الواحد الثامن آذاري؟ وتحديداً ماذا سيكون موقف الرئيس سعد الحريري وموقف الدكتور سمير جعجع؟!
يبقى أن ربيع الطبيعة في لبنان يبدأ في 21 آذار، فهل يزهر «ربيع لبنان» في 23 منه؟