ليس في أفق المنطقة ما يشير الى الاقتراب من بدايات حلول للأزمات العاصفة في أرجائها. من هذه الزاوية، لا تواجه القمة العربية في الأردن خيارات مفصلية، أو تحديات جديدة غير ما هو قائم وموروث، وهو في حدّ ذاته ثقيل ومفصلي. والسبب في ذلك لا يعود الى العرب أنفسهم، وانما يتعلق بحالة الجمود المسيطرة على بعض القوى العظمى التي تطلق في الأصل ديناميات الأحداث الجديدة، أو تحرّك الأحداث الجامدة. وهذه هي حال الولايات المتحدة الأميركية بعد وصول شخصية مثيرة للجدل الى البيت الأبيض. وتعثر القرارات التنفيذية للرئيس الجديد دونالد ترامب، كانت من أسباب هذه المراوحة…
***
على المقلب الآخر من العالم، تتابع روسيا والرئيس فلاديمير بوتين اطلاق ديناميات في المنطقة والعالم، غير كافية وحدها للوصول الى نهايات حاسمة. وكانت الآمال أكثر تفاؤلا بقيام تعاون روسي – أميركي على قاعدة اتباع سياسات ايجابية في اطار مشترك، يقود الى ايجاد حلول للأزمات المتفجّرة في العالم، ولا سيما في الشرق الأوسط، وهي منطقة وصلت الى حدود الاهتراء، أنظمة وشعوبا وأوطانا وكيانات. وهي حالة لا تضرّ بالمنطقة ودولها المعنية وحسب، وانما تلحق الضرر أيضا بحالة الاستقرار على المستوى العالمي.
***
قد يكون لبنان من الدول العربية القليلة في المنطقة التي تمكّنت من السير بين نقط الأحداث في المنطقة دون أن تصاب بكثير من البلل! ولعل ذلك يعود الى بدايات انتهاج سياسات ايجابية بين المكونات الفاعلة في الوطن، قادت الى بناء حالة توافق على ما يوحّد بينها، والابتعاد عن بؤر الخلاف والتوتر والمشاحنات. وهذه السياسة تثمر حتى الآن، وتسفر عن تحريك ملفات جمّدتها الأزمات لزمن طويل جدا. غير أن لبنان اذا كان هو السنونوة التي ظهرت في سماء المنطقة والعرب، فذلك لا يعني ان الربيع العربي السياسي قد بزغ، هذا على الرغم من ان فصل الربيع الطبيعي قد حلّ في لبنان وأرجاء المنطقة… وسنونوة واحدة لا تصنع ربيعا!