IMLebanon

مليون عوني؟

بعد التظاهرة التي دعا اليها “التيار الوطني الحر” يوم الجمعة الفائت، لفتتني أحاديث ونقاشات حول عدد المتظاهرين والمشـــاركين. فمن لا يؤيـــد التيـــار قـال إن عـددهم كان مــا بين الـ 5000 والـ 10000. ومؤيدو التيار أكدوا أن العدد كان أكثر من 50000، حتى إن بعضهم اعتبر انه أكثر من 100000…

والسؤال: هل أصبحنا وطن الساحات والأعداد؟ وما هي النقطة التي يريد اللبنانيون دوماً إثباتها لو وجد في الساحة عوني واحد أو مليون عوني، فما هو الفارق؟ ماذا سيتغير في المعادلة؟ في أزمة النفايات؟ في انتخاب الرئيس؟ في الوضع المعيشي والاقتصادي؟ في هجرة الشباب؟ في الفساد؟ في انتخاب مجلس نيابي جديد؟

هل الفكرة ان نبرهن ان هنالك آلاف المؤيدين للتيار؟ طبعاً الجميع يعلم ذلك، فالتيار يمثله نواب في المجلس وكتلته النيابية من أكبر الكتل، ولكل من نوابه مؤيدون ومناصرون، ولولا ذلك لما كان بامكانه أن ينجح في الانتخابات، وكذلك الأمر لدى الاحزاب الأخرى. فإذا دعا “الاشتراكي الجنبلاطي” أو “المستقبلي الحريري” أو “المقاوم الحزب الهي” أو “القواتي الجعجعي” أو “الكتائبي الجميلي” الى تظاهرة فستكون الأعداد بالمثل لانه معروف ان في لبنان “لكل زعيم جماعتو ومؤيديه”. وفي المقابل هناك موجة جديدة غير واضحة المعالم بعد وغير منظَّمة مؤلفة من بعض جماعات الشيوعيين وبعض فاقدي الأمل وبعض الجماعات الشبابية التي تأمل في التغيير، وبعض المندسين يجتمعون أيضاً في الساحات تحت اسماء مختلفة من “بدنا نحاسب” الى “طلعت ريحتكم” الى غيرهم! لكن كل هذا لا يهم، ولا يهم ساحة من أكبر من سواه ومن لديه أعداد أكبر ومن يجمع فنانين أكثر (علماً ان هواية البعض أصبحت المشاركة في كل التظاهرات). كل ذلك لم يعد مهماً. ما يهم ان الذين هم الى طاولة الحوار وفي الحكومة وفي المجلس يجب ان يتصرفوا بوعي وحكمة وأن يجدوا حلاً للنفايات اليوم قبل الغد، ومن ثم الاتفاق على قانون انتخاب عادل للمواطن لا لحصصهم النيابية، وانتخاب رئيس للجمهورية فوراً! وعليهم الاجتماع لساعات وساعات حتى إيجاد حل ووقف لعبة الساحات والمندسين والرهانات الخارجية لأنهم بذلك يعدمون الوطن والجمهورية والدولة أكثر فأكثر… أن يكون هناك مليون عوني في الساحة أو عوني واحد فهذا لم يعد مهماً، وان تتحول تظاهرة التيار تحدياً “لطلعت ريحتكم” فهذا أمر سخيف، وان تكون التظاهرة رسالة قبل الحوار وبعد تعيين جبران باسيل رئيساً للتيار فهذا أيضاً لا يهم، لأننا في حالة طوارئ وانهيار في لبنان، ولم يعد أي ضمير او رؤية وطنية تتحمل سياسة النكايات والساحات والاعداد والاعتصامات، بل بتنا في حاجة ملحة الى سياسة الحكمة ورجال الدولة وخصوصاً رجال القرار!