أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الخميس الماضي، أن رحيل الأسد عبر عملية سياسية أو عبر هزيمة عسكرية هو تحصيل حاصل، فلا مستقبل له في سورية، إذ شدد الجبير في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند على «أن موقف المملكة من رحيل الأسد ومن تلطخت أيديهم بالدماء، موقف واضح لا مساومة فيه».
هذا اللقاء تم بين وزيري الخارجية السعودي والبريطاني، بعد عودة وزير الخارجية البريطاني من طهران وإعادة افتتاح السفارة البريطانية في طهران. بريطانيا عينت قائماً بالأعمال ولم تستعجل تعيين سفير في طهران، وهي رمزية لرغبة الغرب في منح ثقة متدرجة لإيران، يكون المعيار فيها مدى التزامها بالخطوات المطلوبة منها غربياً، وبالطبع فأولويات الغرب لا علاقة لها بأولوياتنا بالضرورة، إذ كان لافتاً في حديث وزير الخارجية هاموند لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قوله: «إنه يجب الحكم على إيران من خلال تصرفاتها تجاه إسرائيل».
وأكد هاموند في لقائه الإثنين الماضي: «أنه يجب التعامل بحذر مع إيران، وهناك تركة من انعدام الثقة بين الجانبين». وبالطبع، تبدو هذه مشكلة للإعلام الإيراني وبدرجة أكبر للإعلام العربي «المقاوم» الذي سيضطر لتبرير العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل، وعودة العلاقات مع «الشيطان الأكبر» (أميركا)، وربما يكون الحل الوحيد تجاهل تلك الأخبار والتركيز على شيطنة السعودية.
الوزير الجبير في تصريحه الأخير حول مستقبل سورية ومصير الأسد، كان ضمن محادثات ثنائية مع هاموند تناولت مستجدات الأحداث في اليمن وسورية، كما تناولت الاتفاق النووي الذي وقّع أخيراً بين إيران ومجموعة 5 + 1، ما يعني إدراكاً غربياً لأمرين، الأمر الأول: أن قبول الحلفاء الإقليميين الاتفاق النووي يستلزم حلاً سياسياً جدياً في اليمن وسورية، ينهي حال عدم الاستقرار التي ضربت الإقليم منذ أعوام، مدركين أن دول الخليج – تحديداً – لا تملك أية ثقة في نيات إيران التمددية، ولدى الخليجيين ثقة تامة بأن إزالة العقوبات ستدفع إيران إلى مزيد من العبث، ولإسرائيل ضمانات أخرى تحدث عنها الغرب ربما تشمل علاقات ديبلوماسية بين إسرائيل وإيران.
الأمر الآخر الذي يفهمه الغرب هو منطق القوة، إذ تدرك الدول الغربية وتحديداً أميركا أن السعودية اليوم هي اللاعب القوي على الأرض، هذا يتضح جلياً في المشهد اليمني، كما أن نفوذ السعودية في المشهد السوري كبير، وإصرار السعودية يبدو أكثر من ذي قبل على الحزم في إنهاء مأساة الشعب السوري المكلوم، وليس أدل على ذلك من إصرارها على حل سياسي في سورية، لا يكون الأسد فيه جزءاً من مستقبل الحل في سورية.
وكرر الوزير الجبير فكرة إخراج بشار الأسد من المشهد، في روسيا وفي مصر وفي بريطانيا، قاطعاً الطريق على كل من زعم بأن هناك من يحاول إعادة تأهيل الأسد، كما أن الغرب عن قناعة متأخرة أصبح مدركاً أن القضاء على الإرهاب – وتحديداً «داعش» – غير ممكن بوجود الأسد، في تضاد مع النظرية الإيرانية التي كانت تشير إلى الغرب بأن المالكي في العراق والأسد في سورية هما السبيل للقضاء على الإرهاب.
الأمر الآخر الذي سيصب في مصلحة المنطقة، لا سيما مناطق الاضطراب، هو تفعيل العلاقات مع روسيا، إذ كانت زيارة الشيخ محمد بن زايد والرئيس السيسي والملك عبدالله الثاني موسكو، مؤشراً إلى تقارب بين الدول العربية في التحالف العربي وروسيا، كذلك زيارة خادم الحرمين الشريفين واشنطن، والتي من المتوقع أن تليها زيارة إلى موسكو، يبدو أنها ستؤدي إلى مقاربة سياسية، لإنهاء الأزمة في سورية ثم اليمن قريباً.
وما تصريح الخارجية الأميركية بعد لقاء مبعوثها الجمعة الماضي مسؤولين روساً، إلا دليل على أن الانتقال السياسي في سورية هو السبيل لمحاربة تنظيم «داعش»، والتشديد أيضاً على التزام واشطن إطاحة الأسد، ما يعني أن موضوع الأسد مع تقارب الرؤى الإقليمية والغربية والروسية حُسم، ولا يتجاوز البحث عن تذكرة ذهاب بلا عودة إلى مسقط أو طهران وربما موسكو قريباً.