IMLebanon

عامٌ على فضيحة النفايات  والكارثة في حُكم المستمرة

طالما أنَّ اللبنانيين يهوون التاريخَ والتأريخَ والمحطات والإستحقاقات، فقد بدأت أمس السنة الثانية على ذكرى الجلسة التاريخية لمجلس الوزراء، والتي تحدد فيها إقفال مطمر الناعمة بعد ستة أشهر، أي في 17 تموز 2015.

***

مَن كان يدري أنَّه بعد سنة من ذلك التاريخ:

كنَّا بمطمر الناعمة فصرنا بشركة شينووك للترحيل.

كنا بمطمر سرار الذي استُصلِح ولم يُنجَز فصرنا بمطمر سيراليون، الذي كادت النفايات أن تصل إليه، لكنها تعثّرت وتسببت بفضائح في ذلك البلد الأفريقي الفقير.

كنا بأكثر من شركة ترث سوكلين، فطارت تلك الشركات قبل أن تولَد، فيما سوكلين لا مُعلَّقة ولا مطلَّقة وترجيحات بقائها أكبر من ترجيحات تطييرها.

***

مَن كان يدري أنَّه بعد سنة على تلك الجلسة التاريخية بتنا أمام الألغاز التالية:

هناك شركة بريطانية لم تُحدِّد حتى اليوم الوجهة التي ستُرحِّل النفايات إليها، علماً أنَّ الكشف عن هذه الوجهة هو شرط أساسي لإنجازها دفتر الشروط وإلا تكون قد خسرت العقد وخسرت المسبَق الذي دفعته.

اللغز الثاني أنَّ لدينا مخزوناً من ستة أشهر من النفايات ما زالت فوق الأرض من دون أنَّ يُعرَف مصيرها. فالدولة منقسمة بين قرار الترحيل وموقف اللاترحيل، والوجهة غير معروفة، فتكون الحصيلة أنَّ هذه النفايات ستبقى في وجهنا إلى أنْ يتم الإتفاق في شأنها.

وحتى لو تمّ الإتفاق اليوم مع الشركة البريطانية على كل النقاط، فمتى سيبدأ التنفيذ؟

وماذا سيكون عليه مصير الثلاثمئة ألف طن الموجودة فوق الأرض؟

إنَّ ما يجري هو فضيحة الفضائح، وأكثر من ذلك، إنه فضيحة العصر وفق المعطيات التالية:

ليس هناك بلدٌ في العالم تبقى نفاياته في الشارع لستة أشهر متواصلة من دون إيجاد حلٍ لهذه المعضلة.

ليس هناك بلدٌ في العالم تتدرَّج فيه المعالجات من تولي وزير البيئة المسؤولية، ثم تنحيه عن تولي المسؤولية وإناطتها بوزير آخر، فيما يبقى الوزير الأول في مكانه.

ليس هناك بلدٌ في العالم يفض عروضاً ثم يُلغيها من دون أي مبرر منطقي ويجهِّز مطامر ثم يلغيها من دون أي مبرر منطقي، ويسير بخيار الترحيل من دون تبرير هذه التحولات.

ليس هناك بلدٌ في العالم ينتخب هيئاته البلدية لتقوم بواجباتها في خدمة المواطنين، ثم يُلزِّم هذه الواجبات إلى شركة ويقتطع لها اموالاً من الأموال المخصصة لهذه البلديات.

***

إذا كانت سوكلين ناجحة إلى هذا الحد، كما تبيّن خلال عام أزمة النفايات فلماذا لا تعتذرون منها وتجددون العقود معها وينتهي الأمر؟

وإذا كان الموضوع غير ذلك، فلماذا لا تحاكمونها وتُنهون أي مفاوضات معها من أجل عقود جديدة؟

لا تستطيع السلطة التنفيذية أنْ تكون مع الشيء وضده في آنٍ واحد؟

لا تستطيع أنْ تحاكم سوكلين فوق الطاولة وتفاوضها تحت الطاولة؟

إنها ازدواجية المعايير التي تكاد أنْ تقتل البلد.