إننا نعيش أيام ثورة حقيقية ليس لها مثيل في التاريخ اللبناني، ولا بد لنا من الإعتراف بأنّ الخطأ الذي ارتكب في «ثورة الأرز» يوم سامحه الله البطريرك صفير رفض إسقاط رئيس الجمهورية، هو الذي أسّس لهذه الثورة، بمعنى واضح وصريح انها كانت فرصة تاريخية لكي نتخلص من السلاح غير الشرعي الذي كان يحميه في ذلك الوقت رئيس الجمهورية اميل لحود.
اليوم، بعدما عجزت الحلول المطروحة كلها في إخماد هذه الثورة أخذوا بالتهجم على حاكم مصرف لبنان الذي هو رمز ثبات العملة الوطنية وقد أثبت خلال 30 سنة انه الوحيد القادر على الإستقرار النقدي (الليرة) بالرغم من العواصف والحروب والأزمات الاقتصادية الكبيرة التي مر بها لبنان.
صحيح أنّ ما قاله قائد الجيش العماد جوزاف عون بأن الجيش الذي يقف مع شعبه يقف مع نفسه، وأنّ الجيش هو من الشعب وإلى الشعب، فعلاً عندما تم اختيار هذا القائد الذي كان يرابط في الجرود متصدّياً لـ»داعش» دفاعاً عن لبنان وحدوده وأمنه واقتصاده… قد تكون النقطة الوحيدة التي تسجل لهذا العهد في باب الحسنات، ونذهب الى أبعد فنقول إنّ من حظ لبنان واللبنانيين بهذه الأخلاق الرفيعة، وهذه الوطنية، وهذه المناقبية وهذا الحس بالمسؤولية.
اليوم هو الثامن منذ بداية هذه الثورة والتظاهرات تشتد وتيرتها… زحلة، طرابلس، صور، النبطية، صيدا، برجا، جل الديب، انطلياس، جونيه وحلبا الخ… أي انها عمّت لبنان في مناطقه كافة.
هناك تساؤل: أين شعبية رئيس الجمهورية؟ نقول للمتسائلين: لا يمكن لأي لبناني أن يقبل أن يكون هناك سلاح غير سلاح الشرعية إبتداءً من رئيس الجمهورية وانتهاء بالطفل.
ظن الرئيس عون أنه يستطيع أن يجيّر هذه الشعبية ويغطي السلاح غير الشرعي فجاءت هذه الثورة لتقول له: لا.
وليست النقمة من السلاح وحده إنما من السلاح ومن مفاعيله، أي أنّ التهديد الذي يطلقه سيّد المقاومة مراراً وتكراراً من التهجم على الدول الشقيقة والصديقة خصوصاً السعودية والإمارات والبحرين، أضحى لبنان معزولاً عن عالمه العربي ما ترك آثاراً سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني.
أما المشروع الاقتصادي لتجويع الناس إن كان بعدم حل أزمة الكهرباء منذ 30 سنة حتى اليوم، الى فرض حكومات لا يُسمح لها أن تعمل، الى أشهر طويلة حتى يتم تشكيل الحكومة من العرقلات والشروط، الى الفراغ الرئاسي سنتين ونصف السنة(…) هذه كلها أوصلت الوضع الاقتصادي الى ما وصل إليه، فالدين الكبير ما كان ليبلغ ما بلغه لو حلّت أزمة الكهرباء منذ 30 عاماً… ولو تركنا الاقتصاد ينمو كما كان أيام سعد الحريري (نمو 9٪) لما كنا وصلنا الى صفر نمو!
عوني الكعكي