معركة جرود رأس بعلبك والقاع دخلت التاريخ من الباب الواسع لتؤكد على أنّه عندما يكون هناك القرار السياسي فلا توجد مشكلة عند الجيش.
هذه ليست المرة الأولى التي يؤكد فيها الجيش أنه عندما يكون هناك اتفاق سياسي فإنّه القرار، بدقة، مهما كان صعباً وأياً كانت التضحيات والثمن.
وليست معركة الجرود هي الوحيدة بل لو عدنا في السنوات المنصرمة الى معركة النهر البارد، بالرغم من ضعف الإمكانات التي كانت متوافرة للجيش في حينه، لدرجة أنه لم تكن توجد منصّات إطلاق القذائف والصواريخ، بل كان الجنود البواسل يطلقونها يدوياً… وكانت استعانة بالمملكتين السعودية والأردنية اللتين كانتا الوحيدتين اللتين زوّدتا الجيش بالذخائر، إذ كانت مستودعاته خاوية، ومع ذلك حقق الجيش الإنجاز الكبير.
لا شك في أنّ معركة الجرود لم تؤكد فقط على وحدة الصف اللبناني، إنما أحرجت “حزب الله” الذي كان يسرق القرار السياسي عندما توجّه الى سوريا وأيضاً الى عرسال.
صحيح أنّ قواته جاءت من داخل الحدود السورية، ولكنه لم يترك الفرصة للجيش ليحرر جرود عرسال.
على كل حال، الكلام الأخير للسيّد حسن نصرالله على تطوير “المعادلة الذهبية” الثلاثية الى “معادلة ماسية” مضيفاً إليها الجيش السوري… إذ كان عليه أن يضيف إليها الحرس الثوري الايراني و”الحشد الشعبي” العراقي… وينطبق على السيّد حسن القول المأثور: ومن الحب ما قتل! تحب لبنان؟ طيّب، ولكن حلّ عن الجيش لأنّ أي علاقة بينك وبين الجيش ليست في مصلحته ولا في مصلحة لبنان لأنّ هكذا علاقة قد تقضي على المساعدات العسكرية التي يتلقاها الجيش، إلاّ إذا كان هدفه الاستئثار بالسلاح.
أما إدخال الجيش السوري في المعادلة فأين هو الجيش السوري؟ وأين هي سوريا حالياً؟ ثم لماذا على لبنان أن يتكلم مع الوكيل السوري، فيمكن الكلام مع الأصيل (الروسي) كون موسكو هي المتحكمة حالياً بالقرار في سوريا.
كلمة أخيرة:
إنّ هذا الشعب اللبناني هو من أوفى الشعوب، ومن أرقاها، ومن أكثرها نشاطاً وفعالية، أمّا المشكلة الوحيدة القائمة اليوم في لبنان، فهي سلاح “حزب الله”، ومهما حاولنا لإعادة إحياء أوضاع هذا الوطن، فإنّ الفرص كلها تذهب هدراً بسبب سلاح الحزب.
ونقول لسماحة السيّد: شكراً لأنك حرّرت لبنان… وآن الأوان أن تضع سلاحك في عهدة الجيش اللبناني…
ولم يعد من مبرّر للتذرّع بإسرائيل، كما لم يعد جائزاً الإساءة الى هذه الحال الأمنية المتقدمة التي توصلنا إليها في لبنان من خلال تحقيق الأمن الوقائي وكشف العديد من الشبكات الإرهابية، كما كشف شبكات التجسّس لإسرائيل، والفضل في الأمن الوقائي الذي أنقذ لبنان من عمليات بالغة الخطورة إنما يعود بالطبع الى الجهود التي يبذلها الامنيون ولكن بالذات الى وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي حقق هذا التنسيق الخلاّق بين مختلف الأجهزة الأمنية: مخابرات الجيش والأمن العام وشعبة المعلومات… وكم توجه بزيارات الى اليرزة باحثاً في هذا التنسيق الى أن تحقق فعلاً على الأرض.
وفي المناسبة ذات الصلة بموضوعنا وبالعيد الـ72 للأمن العام لا بدّ من التنويه بدور هذا الجهاز بقيادة اللواء عباس ابراهيم وبدوره أيضاً، الى جانب مخابرات الجيش و”المعلومات” في تحقيق الأمن الوقائي.
ولقد آن الأوان لينعم لبنان بهذا الأمن… وليت سماحة السيّد نصرالله يساعد على ترسيخه من خلال استراتيجية دفاعية تزيل المظاهر المسلحة كافة من هذا الوطن، باستثناء القوى العسكرية والأمنية الشرعية.
عوني الكعكي