IMLebanon

«أوبك» أمام خطر التفكك

قبل أسبوعين من اجتماع وزراء الدول المصدرة للنفط (أوبك) في فيينا تتجه الأنظار إلى ما تريده السعودية، وهي أكبر منتج بين الدول الأعضاء في المنظمة مع مستوى بحوالى ٩.٧ مليون برميل في اليوم. وبعد أن تراوح سعر البرميل عند مستوى ٧٨.٩٨ دولاراً بعد انخفاض ٢٥ في المئة عن مستواه في حزيران (يونيو) الماضي، لا تريد السعودية أن تتحمل وحدها مسؤولية خفض الإنتاج علماً بأن الولايات المتحدة تنتج الآن ٩ ملايين برميل في اليوم من النفط، أي ما يقارب مستوى الإنتاج السعودي حالياً.

إن أميركا هي أكبر سوق لاستهلاك النفط، وقد خفضت اعتمادها على النفط المستورد من السعودية في الشهر الماضي إلى ٩٠٠ ألف برميل في اليوم، في حين أنها كانت تستورد في السنة الماضية حوالى مليون ونصف مليون برميل في اليوم. ولكن السعودية لم تتأثر بتخفيض المشتريات الأميركية من النفط السعودي لأنها حولت مبيعاتها الى السوق الآسيوية التي أصبحت ضخمة مع النمو الصيني. وتعتبر السعودية أن الدفاع عن مستوى سعر النفط هو مسؤولية مشتركة بين جميع دول «أوبك»، وأيضاً مسؤولية الدول غير الأعضاء. فلا شك أن انخفاض سعر النفط الى ٧٠ دولاراً للبرميل يؤثر على الشركات الأميركية التي تستثمر بكثافة لإنتاج النفط والغاز الصخري، والتي ترى أن يبقى سعر البرميل في حدود ٩٠ دولاراً لتبقى استثماراتها مربحة. ولكن هذا لا يعني أن السعودية في حرب أسعار مع الولايات المتحدة، لكن الفائض النفطي في الأسواق هو سبب انخفاض الأسعار. أما بالنسبة إلى «أوبك»، فقد تغيرت الأوضاع داخل المنظمة مع تدخل العنصر السياسي بقوة في خلفية المفاوضات بين الدول، خصوصاً الشرق أوسطية مع إعادة تكوين جبهة المتشددين السابقة من إيران والجزائر والعراق في عهد نوري المالكي، فمنذ حزيران ٢٠١٢ كنا نرى التدخلات السياسية والنقاش العقيم كلما أثير موضوع اختيار أمين عام للمنظمة، وهو خيار لا يتعلق بالأسعار والإنتاج. ونتيجة لذلك، تم التجديد المستمر للأمين العام الحالي عبد الله البدري في خرق لقانون المنظمة، وهذه مشكلة لا تزال قائمة، لكن الأسعار والإنتاج قضية أهم، فـ «أوبك» كانت حتى الفترة الأخيرة تعمل كمجلس إدارة شركة كبرى حريصة ومجتمعة لحماية مصالحها عندما كانت الأسعار مرتفعة، أما الآن فالسعودية ليست مستعدة لتحمل العبء وحدها، وكثيرون في «أوبك» يريدون تحميلها هذه المسؤولية.

لا شك في أن تدهور سعر النفط هو مشكلة للجميع. ولكن يجب أن تعمل كل هذه الدول من أجل إعادة الأجواء التي سادت في المنظمة سابقاً، فـ «أوبك» صمدت واستمرت رغم حربي الخليج الأولى والثانية، فهل يمكن أن تتفكك الآن وتفعل كل دولة ما تشاء فيتأثر الجميع. نسمع أن هنالك ثلاثة عروض من فنزويلا والإكوادور والإمارات لتوزيع خفض الإنتاج خلال المؤتمر المقبل، كما نسمع أن العرض الإماراتي لتوزيع التخفيض يحظى بتأييد بعض الدول. ولكن رغم ذلك إذا خفضت «أوبك» إنتاجها الحالي وهو ٣٠ مليون و٤٠٠ ألف برميل يومياً بـ٤٠٠ ألف برميل، هل يزيل ذلك الفائض الموجود في السوق من إنتاج دول خارج «أوبك» مثل الولايات المتحدة وروسيا وكندا. إن تراجع اقتصادات منطقة اليورو والطقس المعتدل حتى الآن في أوروبا كما أوضاع منظمة «أوبك» تطرح السؤال إذا كان بالإمكان إعادة سعر النفط إلى مستوى ٩٠ دولاراً للبرميل، وهو المقبول من المستهلك والمنتج.