IMLebanon

«أوبك» في ظل الأزمات

الأوضاع العربية المتدهورة والضربات العربية والاميركية على العراق لن تساعد قطاع النفط وخصوصاً منظمة الدول المصدرة للنفط «اوبك» على استعادة تضامنها الذي ساد في ماض قريب للتصدي لتراجع اسعار برميل النفط الى اقل من ٩٥ دولاراً لسلة نفوط «اوبك». الخلافات السياسية العميقة بين ايران ودول الخليج النفطية وتضامن الجزائر مع ايران والخلافات داخل الصف الخليجي بين الامارات العربية وقطر والتأثير الايراني على العراق والاوضاع الليبية المتدهورة لا تبعث على أي تفاؤل في تضامن «اوبك» للتصدي لتراجع سعر النفط.

ان السعودية وهي اكبر منتج في «اوبك» تدير انتاجها حالياً بحسب طلب زبائنها من النفط. وهنالك زيادة كبرى من النفط في الاسواق آتية من انتاج الولايات المتحدة التي زاد انتاجها من ٥ ملايين برميل في اليوم الى ٩ ملايين. والمصدرون الاميركيون اغرقوا الاسواق بالمكثفات المستخرجة من الغاز الذي ينتجونه بكثافة. وفي عام ٢٠١٥ سيكون النمو المتوقع في العرض النفطي لدول خارج «اوبك» عند مستوى ١،٥ مليون برميل في اليوم والنمو في عرض دول «اوبك» عند مستوى ٥٠٠ الف برميل في اليوم. اي ان هناك مليوني برميل في اليوم من العرض النفطي متوقعة للسنة المقبلة. ولكن النمو المتوقع في الطلب على النفط في ٢٠١٥ سيكون في حدود ١.٣ مليون برميل في اليوم أي سيكون هناك فائض ٧٠٠ ألف برميل في اليوم في العرض للسنة المقبلة اضافة الى الفائض الحالي في العرض لسنة ٢٠١٤ بـ ٧٠٠ ألف برميل في اليوم نسبة الى الطلب، أي ان الفائض في العرض سيكون حوالي ١.٤ مليون برميل في اليوم.

لا شك ان زيادة العرض في الاسواق تؤثر على نفط «اوبك» في الاسواق العالمية والمشكلة ان «اوبك» التي عملت لأكثر من عقد لادارة انتاجها بشكل عملي ومتضامن لم تعد قادرة على ذلك في ظل تدهور العلاقات بين دولها. ان استقرار السوق بالنسبة لاكبر منتج في المنظمة وهو السعودية يفرض الحرص على الا تتراجع الاسعار الى اقل من ٩٠ دولاراً للبرميل وذلك لمصلحة المنتجين والمستهلكين. ولكن مسؤولية الحفاظ على الاستقرار ينبغي ان تكون جماعية وهو اساس انشاء منظمة «اوبك» للدفاع عن مصالح دولها وعائداتها. والشركات الاميركية التي تستثمر بكثافة لانتاج النفط والغاز الصخري لن تتمكن من الاستمرار في مستوى استثماراتها اذا تراجع سعر النفط بشكل كبير. ومعظم دول «اوبك» وفي طليعتها ايران والعراق والجزائر وفنزويلا وليبيا ونيجيريا ستتأثر بشكل كبير من تراجع سعر النفط. واقع الحال ان هذه الدول تتوقع من السعودية ان تقوم بدور المنتج المزود او المخفض الاساسي الذي يخفض انتاجه لصالح الآخرين. ولكن السعودية التي عملت الكثير من اجل تضامن «اوبك» لن تتحمل العبء وحدها لصالح الدول الاخرى مثل ايران التي تستخدم اموالها لزعزعة الاستقرار في المنطقة العربية من سورية ولبنان واليمن والعراق. فبعض المحللين المطلعين يعتبر ان صعود «داعش» ووحشيته هما لصالح ايران في المنطقة كما هما لصالح نظام بشار الاسد. فإظهار وحشية مجموعة ارهابية تدعي الاسلام السنّي بحسب هؤلاء المحللين قد يدفع الولايات المتحدة الى التعامل مع ايران على ملفات اقليمية فضلاً عن شركائها في منطقة الخليج. اذن اليوم من الصعب ان تتمكن منظمة «اوبك» ان تعمل بشكل عملي ومتضامن كما في السابق مع تدهور الاوضاع. ولكن تراجع اسعار النفط بشكل كبير قد يجبر الدول على العودة الى المسؤولية المشتركة وعدم الاعتماد على ان تقوم السعودية وحدها بما ينبغي ان يفعله جميع الدول الاعضاء في المنظمة. فالسعودية الآن تبرمج انتاجها بحسب طلبات زبائنها الذين تربطهم علاقة عمل طويلة وثابتة معها باعتبارها أكبر منتج في «أوبك».