لطالما ادت السياسة الى إحداث فتور في العلاقات بين مختلف الافرقاء، لان بعض المواقف تؤدي احياناً الى الخلافات او سوء التفاهم بين الاطراف مهما كانت علاقاتهم جيدة. وهذا المشهد وجد على الساحة اللبنانية فأدى الى طلعات ونزلات خصوصاً خلال فترة الفراع الرئاسي حيث سُجّلت خلافات بين مختلف القوى، ومن ضمنها الفتور بين البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والعماد ميشال عون، حين كان المقرّبون من البطريرك الماروني ينقلون استياءه الشديد من تفاقم الفراغ الرئاسي ودخول البلاد الى مشارف الفراغ الثلاثي، على أثر دعوته المتكررة الى انتخاب رئيس للجمهورية والتي باتت الخبز اليومي لبكركي، فوصل حينها التباين السياسي الى خلاف مع من كان يمتنع عن الحضور الى الجلسة الرئاسية، على حدّ قول مصادر مسيحية، فكانت وجهات النظر متباعدة في ملف اساسي يتعلق اولاً واخيراً بالمسيحيين، فالراعي الذي كان يكرّر يومياً أن التعطيل مرفوض ويؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها، كان يلاقي يومياً رفضا لكل هذه الدعوات من قبل العماد ميشال عون، ما انتج فتوراً سياسياً بين بكركي والرابية في تلك الفترة، تطور لاحقاً الى خلاف فقطيعة .
اما اليوم وبعد ان زال الفراغ ووصل عون الى الرئاسة ، فقد ازيل الفتور على ان يبدأ التناغم خصوصاً بعد كلمة التهنئة التي وجهّها الراعي الى عون على أثر انتخابه رئيساً، بحيث لم تعد وجهات النظر متباعدة في ملف اساسي يتعلق اولاً واخيراً بالمسيحيين. وهذا التقارب لطالما كان موجوداً بين بكركي وبعبدا وفي كل العقود، تؤكد المصادر اذ كان البطريرك الماروني قريباً جداً من القصر الرئاسي منذ ان وجد الصرح البطريركي الذي كان وما زال يعتبر المركز الرئاسي الاول خطاً احمر ويفرضه بوعي وادراك على المؤيدين والمعارضين السياسييّن، ويشدّد دائماّ على دعم الجيش والقوات المسلحة الشرعية وحياد لبنان الايجابي الملتزم بقضايا السلام، فيدعو الى العمل على تخطي العصبيات والمذهبيات مع السعي لقيام دولة عصرية ديموقراطية في المنطقة، إلا ان احلام هذا الصرح لم يكن دائماً على مستوى الواقع السياسي المتأرجح في ظل التدخلات الخارجية التي رافقت لبنان منذ نشأته، والتي تفاقمت ايام الوصاية السورية فمنعت تحقيق تلك الاهداف .
لكن اصرار بكركي على تحقيق تلك المبادئ لم يمنعها من اكمال مشوارها تقول المصادر، فبقيت تصارع لتحقيق تلك الاساسيات في السياسة اللبنانية، وبدورها الرئاسة الاولى كانت من مؤيدي بكركي وسيّدها دائماً .
الى ذلك يمكن القول ان التناغم سيعود تدريجياً بين بكركي وبعبدا في رأي المصادر ليصبحا الثنائي الذي سيخلق مناخاً مسيحياً موّحداً، كالذي شهدناه بين البطريرك الراعي والرئيس الاسبق ميشال سليمان، اذ كان الراعي يعلن دائماً الموقف التأييدي لرئيس الجمهورية والجيش اللبناني كخط سيادي يعمل على إيصال لبنان نحو الامان .
هذا وتشير مصادر دينية الى ان الخلاف الذي كان سائداً بين الراعي وعون قد ازيل نهائياً، وهنالك صفحة جديدة ستفتح لان الهدف الاول والاخير لنا إنجاح الرئيس في مهمته الصعبة وحماية مواقفه، بمساعدة كل الاطراف السياسية التي ستقف الى جانبه لان لبنان الجديد آت والتفاؤل كبير جداً.