فخامة الرئيس، دولة رئيس مجلس النواب، دولة رئيس حكومة تصريف الأعمال، قيادة «حزب الله»، قيادة التيّار الوطني الحرّ، وحلفاءهم.
ست سنوات على الأقل مرّت، دون احتساب الفترة بين العامين 2006 و2016، مرّت السنوات وأنتم تتحكّمون بكلّ مفاصل الدولة الشرعيّة والدولة الرديفة. ومهما كانت الظروف والأسباب والمعادلات الإقليميّة والدوليّة التي تتحجّجون وتتذرّعون بها، فإنّ الأمور تُقاس بنتائجها. والنتائج واضحة لا لبس فيها.
فلبنان في عَهدكم وعُهدتكم بلا كهرباء ولا ماء ولا دواء، ولا ضمان صحّي ولا استشفاء، ولا تجارة ولا صناعة ولا زراعة ولا سدود ولا اقتصاد ولا سياحة، الّلهمّ إلّا عودة المغتربين لتفقّد أحوال أهلهم وممتلكاتهم.
لا أموال للمودعين في المصارف. الليرة انخفضت قيمتها خمس عشرة مرّة وأسعار السِلَع تُحَلِّق أضعافاً مُضاعفة والرواتب على حالها. ثلاثة آلاف من نخبة الأطبّاء وخمسة آلاف من نخبة الممرضين وآلاف من نخبة القضاة والمحامين والمهندسين والمعلّمين والتقنيّين وأصحاب الكفاءات والمهارات هاجروا بحثاً عن عيشٍ كريمٍ لهم ولعائلاتهم. وضع مأسوي في الجامعات والمستشفيات والمدارس. المنقوشة والكعكة بالزعتر أصبحتا للميسورين الصامدين بفعل تحويلات لبنانيّي الخارج لهم وو…
في الخلاصة نحن في بلدٍ منكوب. هلّا شرحتم لنا بماذا تُقنِعون شعبكم لتبرّروا له إصراركم على الإمساك بمفاصل السلطة من تسمية رئيس الحكومة وتقاسم الوزارات والتعيينات؟ هل سيتغيّر نهجكم وأداؤكم وتحالفاتكم ومحوركم؟ أما اكتفيتم بعد؟ ألا تشفقون على ناسِكُم؟
رجاء أُخلوا السّاحة وسلِّموا الحُكمَ رضائيّاً لغيركم فلن يستطيع أحدٌ أن يَنزِل بنا إلى دَرْكٍ أوطى وأدنى.
إلى أحزاب القوات والكتائب والوطنيّين الأحرار والحوار الوطني وحركة الاستقلال وحركة مشروع الإنسان وغيرهم من القيادات السياديّة المُفتَرَضَة،
لقد سبق وشاركتم بشكلٍ أو بآخر، بالمباشر وبغير المباشر، بشخصكم أو بأسلافكم، عن حُسنِ نيّة أو عن خطأ، في جانب من السلطة مع الفريق الحالي الحاكم والمتحكّم. إلّا أنّكم وحسب ظاهر الحال لم تتلوّثوا بآفة الفساد ولم تتلطّخوا بالشُبُهات والصفقات والسمسرات، وما اتّهمكم حتى أخصامكم بشيء من هذا القبيل، فهذا يُحسَب لكم بالرغم من كلِّ المُغريات والرزق السائب في الدولة المنهوبة.
إلّا أنّ ذلك لم يعد كافياً ولا يُسمِن ولا يُغني من جوع. نحن أمام مرحلة جديدة والناس فَوَّضوكم أو جَدَّدوا التفويض لكم ومَيَّزوكم بعشرات آلاف الأصوات من غيركم، فمن حق الناس عليكم أن تُقْدِموا وتَجتَرحوا الأفكار والحلول وتشرحوا للمواطنين ما تنوون فعله في حال قَبِل الفريق الحاكم اليوم بإعطائكم فرصة قيادة سفينة الحُكُم، لأن الشعب لن يَغفر لكم عودة المُساكَنَة بينكم وبين من أخذوا فرصتهم كاملةً ولفترة أكثر من كافية، وبدل أن نصعد صعوداً ما زلنا نهبط إلى الّلا قعر في جهنّم. ومن حق الناس أن يعرفوا منكم كيف ستتصرّفون إذا لم يتزحزحوا عن كراسيهم وبقيتم في المعارضة؟
الناس بحاجة إلى من يُخاطبهم فلا تَخذلوهم.
إلى النواب التغييريّين، كما يحلو لكم التعريف بِأنفسِكُم،
دخلنا الثورة وإيّاكم في 17 تشرين ورفعنا شعارات تُعَبِّر عن وجعنا ومن ضمنها شعار «كلّن يعني كلّن». هذا الشعار لا يمكن أن يكون شعاراً دكتاتورياً تعسّفيّاً إلغائيّاً إقصائيّاً قراقوشياً (من حكم قراقوش).
«كلّن يعني كلّن» تعني بِعِلْمِ المنطق وروح العدالة أن نَضَعَ الجميع تحت مِجهَر وسيف القانون فنعرف مَنِ الفاسد، ومَنِ استغلّ موقِعَه وسلطَتَه وثقةَ الناسِ به ففرّط بالوكالة وبالأمانة واستعملها لمصالحه الشخصيّة والاقتصاديّة والفئويّة والزبائنيّة والإقطاعيّة والتوريثيّة أو لصالح مصالح ومحاور خارجيّة لا دخل للبنان فيها.
أمّا أن نسوق كلّ العاملين بالشأن العام بالعصا ذاتها ونضع الجميع في الخانة نفسها فهذا، إضافة إلى الظلم الذي يُرَتِّبه، تجهيل للفاعل وللمُرتَكِب. فلا يجوز أخذ الصالح بجريرة الطالح، ولبنان لم يَخلُ من «الأوادم». لا تتردَّدوا في مَدِّ اليدِ الى أقرب الناس لفكرة الدولة العادلة النظيفة، الباسطة سيادتها على جميع أراضيها بقواها الذاتيّة، وإلّا تكونون، وتحت عناوين وذرائع غير مُقنِعَة أو مُقَنَّعَة، قد خذلتم المراهنين عليكم. والخيبة غالباً ما تكون على قدر الانتظارات.
إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي،
نحن نتفهّم هواجسكم وهواجس الطائفة الدرزية الكريمة، لكنّها في النهاية مُصابة بكلّ الشرور التي أصابت جميع مكوّنات الشعب اللبناني إلى أيّ مذهب أو منطقة انتمى. نحن لا ندعوكم إلى أيّة مواجهة بل نتمنّى عليكم عدم المُسَاكنة وعدم التعايش مع مَن ومَا يؤذي مصلحة لبنان وشعبه.
في الخلاصة وبِاسمِ كلِّ المحرومين والمقهورين والمسروقين والمنتوفين من دروز وعلويّين ومسلمين ومسيحيّين، ندعو حُكّامنا الحاليّين، الذين على كراسيهم ثابتين مُطمئنّين، أن يفسحوا المجال للسياديّين والمستقلّين والتغييريّين ليأخذوا زمام الأمور بأيديهم، فيُعيدوا للدولةِ وَهرَتَها ورونَقَها وللمواطن المسلوب حقوقَه وجنى عمره، وللبنان دوره ورسالته كملتقىً للحضارات وللحوار والعيش بين الأديان، لكي يعود طليعيّاً كما كان، مستشفى الشرق وجامعته ومدرسته ومصرفه وفندقه ومطعمه ومسبحه ومزلجه وسياحته ورئته وقِبْلَته.
من عامة الشعب إلى عامة المسؤولين، فكّوا أسرَنَا، التاريخ لا يرحم. والله يُمهِل ولا يُهمِل.
(*) عضو «الجبهة السياديّة من أجل لبنان»