IMLebanon

سيناريو امني مفتوح في عرسال

حملت التفجيرات الأخيرة في منطقة عرسال، دلالات خطيرة إزاء مستقبل الوضع الأمني فيها، في موازاة التطوّرات العسكرية الأخيرة على الجبهة السورية الداخلية، وتحديداً بعد التدخّل الجوّي الروسي المباشر في الحرب الدائرة. وعلى الرغم من أن الرسالة المباشرة والأولية للإنفجار الذي استهدف «هيئة علماء القلمون» ترتدي طابع تصفية الحسابات الداخلية ما بين المجموعات السورية المسلّحة المتواجدة في عرسال وجرودها والجرود المجاورة، فإن مصادر أمنية مطّلعة، رأت فيها أكثر من مؤشّر حول المرحلة المقبلة، أي مرحلة ما بعد الدخول الروسي في الصراع الحاصل في سوريا، وأبرزه سعي كل المجموعات المتواجدة على الحدود الشرقية إلى السيطرة على القرار، ولو عبر اعتماد التصفيات الجسدية والتفجيرات الإنتحارية والإغتيالات، وذلك من خلال اعتماد حجج ومبرّرات واهية. وأكدت المصادر نفسها، أن تنظيم «داعش» هو المجموعة المسلّحة الأبرز التي تنفّذ هذا السيناريو، بعدما كانت وصلت إلى طريق مسدود في عملياتها على الساحة اللبنانية الداخلية، وبالتالي فهي توجّه الرسائل الدموية للسوريين ومن خلالها إلى القوى السياسية والعسكرية اللبنانية، للتأكيد على نفوذها في المناطق الحدودية.

وإذ لفتت هذه المصادر إلى أن التفجيرين الأخيرين في عرسال قد خرقا الستاتيكو شبه المستقرّ الذي كان سائداً في المنطقة منذ بضعة أسابيع، وجدت في الوقت نفسه، أن الإجراءات الأمنية التي تتّخذها وحدات الجيش المنتشرة على الحدود، والتي ساهمت في حدّ كبير في مواجهة أي تسلّل إرهابي عبر الحدود، وذلك في سياق خطة واسعة باشرت بتنفيذها منذ أشهر، وشملت مجمل الحدود البقاعية والشمالية.

وأضافت المصادر الأمنية نفسها، أن عملية تصفية الحسابات قد بدأ بها تنظيم «داعش» في المناطق التي يسيطر عليها في الداخل السوري، ونقل هذه الإستراتيجية إلى خارج الحدود السورية في الأشهر الماضية، وذلك بسبب الخسائر التي بدأ يتعرّض لها نتيجة تراجع نفوذه وخارطة انتشاره الجغرافي بفعل التطوّرات العسكرية الأخيرة. واعتبرت أن تصفية حسابات «داعش» مع جبهة «النصرة» بشكل مباشر في عرسال وجرودها، ليست عملية ذات اتجاه واحد، بل على العكس، فإن الإنقسام ما بين المجموعات المسلّحة السورية يدفع بكل واحدة منها إلى البحث عن تعزيز نفوذها وبسط سيطرتها على الأخرى، ولذلك، فإن جبهة «النصرة» التي تعرّضت للضربة الأخيرة ستبادر حتماً إلى الإنتقام من «داعش» الذي استهدفها بالعملية الأخيرة.

وفي سياق متصل، لم ترَ المصادر عينها، أي صلة للتفجيرين الأخيرين في عرسال بملف العسكريين المخطوفين، لا سيما وأن التفجير الأول يندرج في سياق الخلافات الداخلية بين المجموعات السورية في المنطقة والجوار، كما أن التفجير الثاني هدف إلى توجيه رسالة إلى القيادات اللبنانية مفادها أن التفجير الأول يقع ضمن نطاق النفوذ السوري المتنازع عليه في المنطقة، والتي يريد منفّذو هذه العملية الإرهابية التي استهدفت دورية للجيش اللبناني، أن يؤكدوا على «حصرية» القرار الأمني لهم فيها. واعتبرت المصادر ذاتها، أن الوضع الأمني على الحدود الشرقية الذي اهتزّ في اليومين الماضيين بفعل التصفيات بين التنظيمات السورية ما زال مرشّحاً للبقاء في دائرة الضوء، وإن كانت مفاعيله التي تتخطّى جرود عرسال محدودة.