IMLebanon

الحوار والإنفتاح إيجابيان فلماذا الخوف والتخفّي؟!

 

اللغط المثار حول «اللقاء» بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية له ما يبرّره، مثل اللقاء الذي حدث بين الحريري والجنرال ميشال عون وأثار ما أثاره من أخذ ورد، ونفي وتأكيد، وتحليلات في مطوّلات إستمرت حتى الأمس القريب…

وبين جزم الجازمين، وهو الأرجح، ونفي النافين، دخلت البلاد في متاهة قد يُعرف أين تبتدىء ولا يُعرف أين تنتهي. وهذا دليل على عمق الأزمة في لبنان، وعلى حدّة الخلاف، وقسوة الشرخ العمودي بين طرَفي النزاع.

ونلاحظ أن مَن يقول بحصول اللقاء يتحدّث عن ضرورة تجاوز الشقاق الداخلي الذي إتخذ حداً غير مسبوق في السياسة اللبنانية وأدبياتها. ومَن يقول بتعذر اللقاء ويستبعد حصوله يتحدث عن إستحالة تجاوز الشقاق الداخلي.

أي انّ الفريقين ينطلقان من الماضي وإسقاطه على الحاضر، وليس مَن يتحدّث عمّا يفترض أن يكون عليه المستقبل لهذا البلد وسط عواصف عاتية أخذت تطاول أمماً عريقة وبلداناً كبرى، بينما نحن لا نزال نختلف حول «جنس الملائكة»… حول مواصفات الرئيس: قوياً يكون أو ضعيفاً أو وسطاً. وحول إنتماء الرئيس: من 8 آذار أو من 14 آذار أو من «الوفاقيين». وكأنّ في لبنان وفاقيين حقيقيين! بل لعلّنا إختلفنا، ونختلف دائماً على مفهوم الوفاق… بل أصلاً على اللفظة ومدلولاتها: فهل هو وفاق أو توافق؟ واستطراداً: هل يكون الرئيس «وفاقياً» أو «توافقياً»؟!.

إنها مرحلة الثرثرة واللغط والهلوسة.

وإننا قوم «حكواتي»: يحكي ليحكي. ويحكي ليثير ويستثير. ويحكي ليكيد. ويحكي ليزرِّك. ويحكي ليقول تمنياته وليس ليقول الواقع. ويحكي ليكذب… عموماً!

إنّ ما يجري من حولنا، في المحيط القريب والمحيطين الوسيط والأبعد، من شأنه أن يجعلنا نتحرك بعقولنا وليس بأرجلنا. ولكن من أسف فإننا لا نبادر. فقط معظمنا يتلقى ويتصرّف على قاعدة ردّ الفعل. حتى إذا أردنا حراكاً يكون السيف قد سبق العزل.

شخصياً لا نرى ملامة أو ضرراً أو مأخذاً أو ممسكاً على أي حوار يحصل مهما كان نوعه، وكائناً من يكون أطرافه والمشاركون فيه. ومهما كانت آفاقه تبدو مسدودة… لأنه إذا لم يكن كذلك فلا ضرورة له.

وفي هذا النطاق ندعو الى عقد الحوارات نهاراً جهاراً… وإطلاع الناس على مضامينها… ولتكن لهم الكلمة الفصل. أمّا ان نحاور وكأننا نرتكب إثماً أو خزية أو فعلة شنيعة، وأن نكون خجولين وعلى استحياء ممّا نقوم به، فهذا ليس دليل خير وعافية.

فمن ينشد الحوار مع الآخر، فليحاور على رؤوس الأشهاد.

ومن يريد الإنفتاح على الآخر، فليعلنه بالصوت والصورة كما جرى، أمس، اثر لقاء الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط في باريس، إذ جاء البيان الصادر عن مكتب الحريري شاملاً، واضحاً ومباشراً.

ومن لديه ما يقوله فليقله أمام اللبنانيين مباشرة، وليس مواربة، أو تهرباً من مواجهة الرأي العام بما يفعل.

فالحوار والإنفتاح عنصران إيجابيان وليسا ما يدعو الى الخجل والخفية و…ناهيك بالخوف!