يستحيل أن تمرّ عملية «طوافان الأقصى» من دون تداعيات لبنانية، وإن كان من المبكر الجزم في ما ستكون عليه هذه التداعيات، بانتظار ما سيؤول إليه العدوان البربري على غزة الذي يقوده فكر متوحش غير مسبوق، ظهرت تجلياته في كلام وزير الحرب الإسرائيلي الذي وصف أهالي غزة بالحيوانات، ذلك ليبرر الحصار الشامل الذي تلقّى الأوامر (كما قال) لفرضه على القطاع. وهو أسلوب ممجوج في التحدث عن محاصرة المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ.
في أي حال يعيش اللبنانيون جميعهم حالاً من القلق، وقد لا نبالغ إذا قلنا إن الأكثر قلقاً هي قيادة المقاومة الإسلامية، ليس مخافة من ساحة القتال، إنما تحسباً لتداعيات القرار الذي سيتخذه حزب الله، أياً كان هذا القرار: المشاركة الميدانية أو عدمها، وهذا لا يحتاج الى طويل شرح وتفسير، فشرحه وتفسيره منه وفيه(…).
أما على صعيد الاستحقاق الرئاسي فالمتوقع، في الأيام وربما الأسابيع المقبلة ستتضاعف الفرملة وبالتحديد على صعيد المبادرات التي واجهت صعوبات وعراقيل في ما قبل الحدث الإقليمي، فكم بالحري اليوم، لاسيما أن دولة قطر حوّلت جهودها الى مسعى مرتبط بالمستجدات الحربية في غزة، انطلاقاً من المرحلة الأولى التي تهدف الدوحة من خلالها الى تسوية تبادل بين الأسيرات الاسرائيليات مع الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، على أن تعقبها مرحلة ثانية بتبادل أسرى الفريقين من عسكريين ومدنيين، وهذه عملية تستغرق أشهراً عديدة على الأقل، إن لم يكن سنوات.
أما التداعيات الأشدّ خطورة فهي إذا دخل مشاة جيش الحرب الإسرائيلي غزة، ما تستتبعه (تلقائياً) موجة نزوح كبير لن يكون لبنان في منأى عنها(…).
المهم أن ما حققته عملية «طوفان الأقصى»، حتى الآن، بنتائجها العسكرية الاستثنائية المذهلة في الصراع العربي والفلسطيني – الإسرائيلي سيدخل تاريخ هذا الصراع المزمن وسيكون مادة دسمة في المعاهد والكليات العسكرية في العالم قاطبةً.