IMLebanon

المعارضون مختلفون على ما يرفضه الأسد

حرب سوريا تجاوزت منذ سنوات ثنائية نظام ومعارضة أو دولة وثورة. فلا النظام يقف وحده في سوريا المفيدة، حيث تقف وتقاتل معه قوات روسيا وايران وحزب الله وعدد من الميليشيات العراقية والباكستانية والافغانية المرتبطة بطهران. ولا المعارضون، وأبرزهم مجموعات الهيئة العليا للمفاوضات ومنصة موسكو ومنصة القاهرة، هم وحدهم الطرف الآخر. اذ تقف وتقاتل فوق الباقي من الأرض السورية قوات أميركية وتركية تحت عنوان قوات سوريا الديمقراطية وعشرات الجيوش خلف يافطة الجيش الحر وعشرات الميليشيات بأسماء اسلامية أو شامية، فضلا عن داعش وجبهة النصرة. لكن محاولات البحث عن تسوية سياسية لا تزال تدار على أساس التفاوض بين طرفي الثنائية. وهذه واحدة من العقبات الكبيرة أمام أية تسوية.

ولم يكن خارج التوقعات فشل محادثات الرياض بين وفود الهيئة العليا ومجموعتي موسكو والقاهرة. ولا السعي لتخفيف وقع الفشل بالحديث عن استمرار الاتصالات واختصار النتيجة بمعادلة قوامها: الاتفاق على الهدف والخلاف على طريق الوصول اليه.

فالخلاف على الطريق هو عمليا انعكاس للخلاف على الهدف. والمفارقة ان ما عرقل الاتفاق على تأليف وفد موحّد للتفاوض هو الخلاف على ما ليس واردا في حسابات الرئيس بشار الأسد.

ذلك أن الهيئة العليا تمسّكت بالاصرار على رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية، وأوحت منصة القاهرة بامكان بقائه الى نهاية المرحلة، ورفضت منصة موسكو أية اشارة الى الموضوع، كما اعترضت على فكرة الاعلان الدستوري مكتفية بتعديلات على الدستور الحالي. لكن الأسد أوحى في خطاب بوادر الانتصار انه لا شيء من هذا على أجندته، لا رحيل عن السلطة، ولا فرصة لما يسمّى الانتقال السياسي للسلطة. مجرد مصالحات. والمعارضون، في رأيه، هم حثالة وبلا وزن. والتفاوض معهم وقت ضائع لأنهم أدوات تستخدم لمرة واحدة. إذ هم إما عميل وإما ارهابي أو الاثنان معا.

لكن روسيا المتفاهمة بالمفرّق مع أميركا في انتظار صفقة كبيرة هي التي تدير اللعبة. وهي تعرف ان التأخر طويلا في انهاء اللعبة يقود الى خسارة بعض أرباحها المهمة. واذا كانت الأولوية حاليا للقضاء على الارهاب وترتيب مناطق خفض التصعيد، فان لاعب الشطرنج الروسي يخطط لكل نقلة بحسابات ما بعدها. وهو يتحدث عن حلّ سياسي يجنّب سوريا والمنطقة نموذج العراق وليبيا، ويضع في حسابه التوصل الى صيغة مريحة للأكثرية والأقليات في الداخل، ومراعية لمصالح القوى الاقليمية والدولية المنخرطة في الحرب مباشرة أو بشكل غير مباشر.

والرهان على موازين القوى وما قادت اليه من تبدلات في الميدان من دون موازين المصالح هو لعبة خطرة في النهاية.