بتأكيد الرئيس نبيه برّي حضوره وكتلته الجلسة المخصّصة لانتخاب الرئيس في 31 الحالي، خسر المعترضون على وصول رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون إلى الرئاسة، إمكانية «تطيير» النصاب المطلوب في الدورة الأولى. ولبرّي اعتباراته وحساباته في رميه هذه الورقة سريعاً وإراحة عون، أوّلها دأبه وكتلته على حضور كافة الجلسات المخصّصة لانتخاب الرئيس طوال العامين الماضيين، وليس آخرها حرصه على عدم إعطاء المشكّكين فرصة للقول إن «الطائفة الشيعية» أو حزب الله يتلطّى بمواقف برّي، لتعطيل إجراء الجلسة، بعد قبول الرئيس سعد الحريري بعون، الذي تمسّك به حزب الله طوال المرحلة الماضية، كمرشّح وحيد لرئاسة الجمهورية.
لكنّ برّي ورئيس تيّار المردة الوزير سليمان فرنجية ومعهما تشكيلة واسعة من أحزاب فريق 8 آذار ونوّابه، ونوّاب مستقلّون، ممّن اعتادوا الوقوف على يمين فريق 14 آذار، كالوزير بطرس حرب والنائب روبير غانم، لا يخطّطون لإمرار جلسة انتخاب الرئيس من دون مواجهة انتخابية في المجلس.
ولا شكّ في أن المواقف العلنية المعترضة على خطوة الحريري من أكثر من شخصية ونائب في كتلة المستقبل النيابية، من بينهم الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، إضافة إلى موقف حزب الكتائب وبعض نوّاب كتلة اللقاء الديموقراطي، أعطت دفعاً لمعركة فرنجية. وإذا كانت المواقف المستقبلية الرافضة في العلن لم تتخطّ الخمسة نوّاب، فإنّ مقربين من برّي وفرنجية يؤكدون أن ما يتسرّب إليهم من المعارضين في «المستقبل» يشير إلى وجود بين 11 و15 نائباً معترضاً، من دون أن يعني ذلك أن هؤلاء يلتزمون التصويت لفرنجية والذهاب عكس خيارات الحريري، مع ترجيح اقتراعهم بورقة بيضاء.
استراتيجية لجرّ عون إلى الدورة الثانية وفوزه بالحدّ الأدنى المطلوب
ويمكن القول إن لحظة إعلان الحريري ترشيح عون رسمياً أول من أمس، كانت إشارة الانطلاق لبدء عملية حشد لأصوات النّواب الرافضين لوصول عون، بغية تسجيل وجود اعتراض كبير داخل مجلس النواب عبر الاقتراع لفرنجية أو بالورقة البيضاء، بما يضمن ربح عون بالحدّ الأدنى المطلوب. وسُجّلت يوم أمس سلسلة اتصالات ولقاءات، بينها لقاء بين ممثّلين عن تيار المردة وحزب الكتائب واتصالات بين فريق عمل عين التينة وفريق عمل فرنجية وآخرين في أحزاب في 8 آذار، بغية العمل على إقناع عددٍ من النّواب بالمجاهرة بالرفض والاقتراع لمصلحة فرنجية بدل الورقة البيضاء. وبحسب المعلومات، لا يزال مكاري ونواب حزب الكتائب يلتزمون الورقة البيضاء.
في استراتيجية أولى، يعوّل المعترضون على إفشال حصول عون على أكثرية الثلثين في الدورة الأولى، أي 86 نائباً، وجرّه لربحٍ هزيل في الدورة الثانية، لا يتعدّى الـ74 صوتاً. علماً بأن النقاش لم يحسم بعد حول ما إذا كانت جلسة 31 تشرين الأول هي الدورة الأولى أو الثانية لانتخاب الرئيس. فبينما يؤكّد برّي لـ«الأخبار» أن جلسة 31 تشرين الأول هي الدورة الأولى، لأن الجلسة الأولى التي جرى فيها الانتخاب أُقفلت، وينبغي فتح دورة أولى جديدة، يتمسّك التيار الوطني الحرّ بالقول إن الجلسة هي الدورة الثانية والدورة الأولى لم تغلق، وبالتالي لا يحتاج عون، في جلسة 31 تشرين الأول، لأكثر من النصف زائداً واحداً من الأصوات للفوز، أي 65 نائباً.
ولعلّ أبرز ما يحاول المعترضون تسجيله، هو غياب «الإجماع الوطني» عن وصول عون إلى الرّئاسة. ويستند هؤلاء إلى أن التجربة الرئاسية تجري الآن من دون راعٍ إقليمي أو دولي، وبالتالي فإن من واجب الرئيس أن يحوز تأييد أوسع شريحة من القوى السياسية ــ الطوائف، وهو ما لا يزال مفقوداً حتى اللّحظة، خصوصاً مع عدم قناعة هذه القوى بأن عون لم يعقد تفاهمات جانبية مع الحريري، على الرغم من نفيه للأمر من على منبر عين التينة. ويستند المعترضون إلى أن «اعتراض برّي ونصف كتلة المستقبل النيابية، بالإضافة إلى فرنجية والكتائب والنوّاب المسيحيين من خارج كتلتي عون وحزب القوات اللبنانية، يعني غياب «الإجماع الوطني» الذي يحتاج إليه الرئيس أكثر من أي وقت سابق». ومع أن موقف النائب وليد جنبلاط غير محسوم، بانتظار اجتماع كتلة اللقاء الديموقراطي المقرّرة اليوم، إلّا أن موقف جنبلاط بالنسبة إلى هؤلاء «معروف برفض عون، وهو إن سار في انتخابه مجبراً لحسابات انتخابية نيابية بحتة ومن قلق على دور الطائفة الدرزية في النظام السياسي مستقبلاً، لا يعني اطمئنان جنبلاط إلى مرحلة ما بعد الانتخاب، في غياب التفاهم بين عون وجنبلاط وبين عون والنائب طلال أرسلان». وعلى ما يتردّد، فإن رئيس الحزب الاشتراكي قد يلتزم الاقتراع لعون بنوّابه الحزبيين ويترك الحريّة للنواب الآخرين، الذين قد يصل عددهم إلى خمسة.