IMLebanon

معارضو السعودية ينتظرون حصتهم في السلطة التنفيذية

زمن التفاوض الإقليمي يقترب.. لكن «كل ملف بحسابه»

معارضو السعودية ينتظرون حصتهم في السلطة التنفيذية

لم يشكّ أحد أن الحل اللبناني ليس بيد اللبنانيين. سلّم الجميع أمره للخارج منذ زمن. أما الكلام الذي ساد عن «لبننة» الاستحقاق الرئاسي، ربطاً بانشغال الخارج بملفات أكثر خطورة من الملف اللبناني، فكان يعبّر عن أمنيات، أكثر من تعبيره عن الواقع السياسي.

حتى الاستقرار الذي يتفاخر به اللبنانيون، ليس سوى نتيجة قوة دفع خارجية، تشير بوضوح إلى أن لا مصلحة لأسياد اللبنانيين، على اختلافهم، بانتقال الحريق الإقليمي إلى لبنان. وأكثر من ذلك، من يقرأ سريعاً التاريخ اللبناني لن يجد سوى ارتهاناً لهذه الدولة أو تلك، من هذا الفريق أو ذاك.

أما مصطلح «س ـ س» الذي أطلقه الرئيس نبيه بري على الإدارة السورية السعودية للبنان بعد انسحاب الجيش السوري، فكان أكثر المصطلحات واقعية، في التعبير عن حالة الارتهان اللبنانية لهذين البلدين، اللذين انعكس اتفاقهما خيراً على لبنان، وساهم افتراقهما، بعد بدء أحداث سوريا في العام 2011، في ضياع البوصلة اللبنانية، والدخول في أنفاق متعددة من التيه. لذلك، كان الدواء بتسيير المؤسسات بالحد الأدنى. شُكلت حكومتان لـ «تصريف الأعمال» والحفاظ على ماء وجه السلطة، التي فشلت في إثبات أهليتها لإدارة البلد، والتي لم تتمكن من إنجاز الانتخابات النيابية ولا الانتخابات الرئاسية ولا التعيينات..، فكان التمديد لمجلس النواب لأربع سنوات والفراغ الذي شارف السنة والنصف في رئاسة الجمهورية، والتمديد لكل القيادات الأمنية، لأكثر من مرة.

أمام هذا المشهد، خرج الرئيس بري ليعلن، لـ «السفير»، أن «اللبننة (في مسألة رئاسة الجمهورية) انتهت كلياً، والحل أصبح خارجياً بامتياز». علماً أن بري هو أكثر من يعرف أن اللبننة لم تكن مطروحة يوماً، خاصة أنه صاحب مصطلح «س. س»، لكن إشارته إلى ذلك، لم تكن، بالنسبة لـ «8 آذار»، سوى إعلان تأكيدي على أنه حتى لو كان للبنانيين خيط رفيع في سلسلة القرار، فقد أفلت من يدهم.

وبطبيعة الحال، فإن الحل الذي يتحدث عنه بري، يحتاج نضوجه «إلى بضعة أشهر، في انتظار أن يكون الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى قد أخذ مداه».

يعرف بري أن لبنان لن يكون الأولوية عندها، فاليمن هو الأولوية المطلقة، تليه سوريا، لكن الرهان اللبناني يبقى في إمكانية أن يأتي أحد «الكبار» ويمرر الملف اللبناني بين الملفات الكثيرة التي تنتظر، خاصة أنه مقارنة بما يجري في المنطقة، تبقى مشكلته بسيطة.

أحد نواب «8 آذار» الذين يفضلون الابتعاد عن الداخل اللبناني، «لأنه زبالة بزبالة»، والتركيز على قراءة التطورات الإقلمية ربطاً بالاتفاق النووي، يقول إن السباق وصل إلى نهايته، وصار الجميع في مرحلة تجميع الأوراق الأخيرة قبل طرحها على طاولة التفاوض التي يفترض أن تجمع السعودية وإيران. وإذ يتوقع أن لا يأخذ الملف اليمني الكثير من الجهد لحله، خاصة أن «السعودية في مأزق وتحتاج إلى من يخرجها من المستنقع اليمني شرط حفظ ماء وجهها»، لا يعتبر النائب «المعتكف داخلياً» أن استعادة قوات التحالف لمعظم عدن إنجازاً نوعياً. يقول إن الحوثيين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر إنزال قوات برية. كما أنه مهما تقدمت السعودية في عدن، فإنها تعرف أن الاتفاق السياسي لن يفضي إلا إلى تأكيد قدرة الحوثيين على صناعة المعادلة في اليمن.

وإذا كان «لا خوف على اليمن»، إلا أن المصدر يقر أن التفاوض سيكون أصعب في سوريا. ومع التقدير أن مسألة الحل السياسي تكاد تنضج مع تسليم جميع الدول الفاعلة بحتميته، وضرورة التفرغ لمكافحة الإرهاب، يثق محور إيران أن من يريد أن يفاوض على مستقبل بشار الأسد عليه أن يطرح البديل، مع معرفة الجميع أن لا بديل قادر على الحفاظ على وحدة سوريا سوى الأسد. عدا عن أن تنحيه لم يعد، في الأساس، شرطاً لاستئناف المفاوضات، بعدما بدأت كل الدول، بما فيها السعودية، تعيد تعديل أولوياتها السورية.

مقابلة الرئيس الأميركي باراك أوباما مع توماس فريدمن، بعيد الاتفاق النووي، بدت مرعبة للسعوديين الذين فقدوا الثقة بالإدارة الأميركية. عندما يمتدح أوباما إيران، ويتهم أنظمة حليفة له، بشكل غر مباشر، بالديكتاتورية والفساد والتخلف وانتهاك حقوق الانسان، فذلك يستحق التوقف عنده. كما يسمح بالتساؤل هل انتهى زمن الحظوة التاريخية التي أعطتها أميركا للسعودية.

ومع ملاحظة أن الأمور سالكة بين الإيرانيين والأميركيين في العراق، لا يبقى سوى لبنان. في الملف اللبناني لا تزال المراوحة مستمرة، خاصة أن لا أحد يوحي أنه مستعجل لتقديم التنازلات. وإزاء التشدد السعودي، لا يزال الإيرانيون يكررون أنهم «مع من يختاره المسيحيون». وهذا يعني، بحسب أحد المطلعين على سياسات طهران، أن المعادلة لا تزال هي نفسها: من لا يؤيد عون للرئاسة، عليه أن يعطي أسماء لا تؤول إلى جيب السعودي.

ولكن، ألا يفترض أن التسوية تقضي بأن يعطي السعودي في مكان ويأخذ في مكان؟ يكتفي المصدر بالقول «كل بقعة بحسابها»، أي أن الأخذ والرد يكون ضمن الملف نفسه. هذا يعني بالتالي أن السعودي الذي يعتبر رئاسة الحكومة في لبنان من حصته عليه أن يترك مكاناً للقوى الدولية الأخرى في السلطة التنفيذية. أما القول إن رئاسة السلطة التشريعية محسوبة على هذه القوى، فذلك لا يعيره المصدر أهمية، لأن «هذه السلطة ليست عند رئيسها، بدليل أن الرئيس بري لا يستطيع أن يعقد جلسة تشريعية بدون موافقة كل الكتل، وهو لولا ما يملكه من ميزات شخصية لما كان قادراً على تثبيت موقع الرئاسة الثانية في معادلة السلطة».