Site icon IMLebanon

حوار النقائض

الثلاثاء الماضي، عشية ليلة الميلاد، عُقدت الجلسة الأولى بين «المستقبل» و»حزب الله» برعاية (وسعي) الرئيس نبيه بري، ثم، فضّت لتعقد بعد «رأس السنة». أي بدأ الحوار في ختام عام 2014، ويستأنف في مطلع عام 2015. حوار يُودّع عاماً ويستقبل عاماً جديداً! وبحسب ما قرأنا، وسمعنا كانت الأجواء «مُريحة» في الجلسة الأولى ككل الاجتماعات الأولى: تبادل النيات الطيبة، والإرادات الحسنة، ولا بأس ببعض العتاب والصراحة تحت شعار تنفيس الاحتقان المذهبي، بين السنة والشيعة. ومحاولة معالجة بعض الأمور، على أن تؤدي هذه «النيات الحسنة» المبادِئة، إلى كسر الجليد ولو «بكلمة» ولو بمصافحة تمهيداً، (ربما) للاتفاق والتوافق على حلحلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية. عال! تفتيت التشنجات المذهبية التي تعمّ المنطقة العربية وأبعد منها، ضرورة (وقيل انه حوار الضرورة) لمواجهة الأخطار المُحدقة بلبنان، من قبل الإرهابيين الاسلاميين المتطرفين والمتمثلين «بداعش»، و«النصرة» و«سواهم» طبعاً. (وهنا يمكن التفكير جدياً بتحرير العسكريين اللبنانيين الأسرى كما «حرر» حزب الله بالمقايضة عنصراً من عناصره الذي كان أسيراً عند هؤلاء الارهابيين!) . وبدا واضحاً ان ما رافق هذه الجلسة الأولى، فرحة عيدين: «الميلاد» و»رأس السنة» والاحتفالات التي قامت حول أشجار الميلاد، والتزيينات التي ملأت كل المناطق. 

الفرحة الشعبية حوّمت فوق الاجتماع الأول والأطفال الفرحون ببهجة العيدين طوفت فوق رؤوس الملتئمين حول طاولة الحوار. يعني أن حواراً شعبياً، ايجابياً، قد انعقد عند الناس، بتلاقيهم «المناسبي» حول العيدين. اغتباط من تحت، أي عند الناس، ونيات حسنة من فوق، أي عند المتحاورين. فهل يلتقي «اللقاءان» في نقاط ايجابية وان محدودة، عند رؤوس الأحزاب والطوائف المختلفين حتى التشنج والمتفرقين حتى القطيعة؟ وكان لي، انا «المنتظر» (ربما من أربعين عاماً أو أكثر) ان اسائل الناس، وبعض المثقفين عن رأيهم: الجميع كادوا يصفقون فرحاً! نعم! فليجتمعوا ويحرسوا لبنان ويدافعوا عنه متكاتفين، فالمسألة تتعلق بالمصير. كلهم كادوا يصرخون «نعم»! «للحوار».

لكن خلف نظراتهم وكلماتهم كان قلق ما، كل فريق تابع للمتحاورين كانت ترتسم خلف كلماته، أو صمته كلمة «لكن» منهم، من خاف أن يؤدي هذا الحوار إلى «هزيمة» أو تنازل طائفته، عن مواقعها (!) كأن يؤدي الحوار إلى «اختراق» الكانتونات المحصنة بالحذر. وأن يؤدي إلى المس بسلاح حزب الله أو ان يفضي إلى ضرورة عودة مقاتلي الحزب من حرب سوريا أو ان يتم انتشار الجيش على الحدود الشمالية، فتنقطع أواصر القوافل المسلحة التي تدخل إلى سوريا وتخرج منها، لتحارب هناك، أو لتنقل الحرب إلى عندنا، (الحرب التي انتقلت قبل مدة إلى ساحاتنا ومدننا: وابلغ مثال مسألة العسكريين المخطوفين)! و»لكن» هناك وراء الحوار البعض الآخر رحب وفي بلباله ايضاً؛ «لكن» أهناك وراء الحوار تمهيد لمغامرة جديدة من قبل «الممانعة» لتكرار جنون 7 أيار، الذي جاء بعد سلسلة حوارات لم يتبق منها شيء؟ أو إلى انقلاب آخر، اذا تعثرت اللقاءات، يشبه انقلاب القمصان السود؟ أو هل يكون وراء هذا الحوار «خديعة» أو «ربح وقت» في انتظار لحظة حاسمة مجهولة؟ المسيحيون (خارج الحوار)! رحب بعضهم وتحفظ بعضهم الآخر، (ولو بكتمان): أين المسيحيون في هذا الحوار: هل انتهى دورهم لتحل محلهم الكُتل الاسلامية «الكبيرة»؟ بعضهم يتساءل وهل يمكن أن يتفق أهل الحوار على دورهم؟ أو، وهنا التركيز هل يقود الحوار إلى اختيار رئيس توافقي يستبعد منه الجنرال عون، فيكون انتخاب الرئيس الجديد على أيدي المسلمين أي ليكون لهؤلاء ان ينتخبوا أو يختاروا الرئيس الماروني؟ انها الأسئلة من باب التخوف، والتخوف من باب التحفظ، والتحفظ من باب الانتظار. لكنها اسئلة ناتجة عن خلاف الزعماء «الموارنة» على من يكون الرئيس.

اما الفريق الآخر الذي يهمه «مصير الجمهورية برمتها» فكان أكثر حذراً وأقل «يقيناً» وثقة، بل يشطح نحو اعتبار هذا الحوار كشموع العيد، يذوب بسرعة ولا يبقى حتى دخانه. وهنا التساؤلات الكبرى: اذا كانت الجمهورية شبه «ملغاة» بوجود «جماهيرية» كانتونية أكبر منها، فهل تنتصر «الجمهورية» في هذا الحوار «الخلفي» على جماهيرية الحزب؟ والطريف ان الجماهيرية الحزبية تتمتع بقوة بوجود قائد على رأسها هو السيد حسن نصرالله والجمهورية الشرعية الدستورية بلا رئيس. والطريف أيضاً ان للجماهيرية «الحزبية العظمى» حدوداً تسيطر عليها نسبياً، والجمهورية الدستورية مشوشة الحدود من الشمال، إلى البقاع، إلى الضاحية، إلى الجنوب. فهل سيؤدي، (كما يتساءل الحريصون على الجمهورية) إلى اعادة رسم الحدود الجغرافية، والاجتماعية بين الحزب والدولة، أي هل تحل الجمهورية محل «الجماهيرية الحزبية» بدلاً من ان تستمر هذه الأخيرة في استلاب الأولى؟ واذا كان السلاح الفئوي (المذهبي) «المكنتن» اقوى وأفعل وأضخم وأوفر من سلاح الجيش والقوى الأمنية، أيمكن ان ينوه عبر هذا الحوار، بهذه الظاهرة الميليشيوية المستمرة منذ أربعين عاماً، أم ان الشعارات المُطلقة كالبالونات ستنتصر على الواقع. هذه الشعارات التي ينفخها الحزب و8 آذار مثل «سلاح المقاومة للدفاع عن لبنان» وامس كان الشعار : سلاح المقاومة لتحرير الجنوب. ثم ارتفع شعار آخر: سلاح المقاومة لحماية مقام السيدة زينب، وكأن هذا المقام يحتاج إلى مقاومة تحميه ممن بَنُوه وحَمُوه منذ أكثر من الف عام! ثم توسع الشعار : «سلاح المقاومة لإنقاذ نظام بشار الأسد». ممن؟ من ثورة شعبه. ومتى كان سلاح المقاومة يحرر وطناً من شعبه أو شعباً من وطنه، أو يدعم نظاماً استبدادياً، كل المفاوضات في العالم قامت على محاربة الطغيان، اما «مقاومتنا» فتطوعت لدعم الطغيان، كل المقاومات الحقيقية في العالم عملت على تحرير الأرض الوطنية، اما مقاومتنا فانخرطت في حرب دعم «الاحتلال» الداخلي للنظام البعثي. ثم تحول الشعار جذرياً، عندما فوجئ الجميع بظهور «داعش» و»النصرة» في العراق وسوريا… وصولاً إلى عرسال: اذاً المقاومة تتنكب دورها «الإلهي« الجديد محاربة الارهاب. ولأنها، ذهبت إلى سوريا، وكأنها ذاهبة إلى نزهة كما «احتلت بيروت واعتدت على الجبل في 7 أيار» منذ بدأت «طلائع» جهنم تلوح من هذه الحرب. كسرت قرار «اعلان بعبدا» المتصل بالنأي عن الحرب في سوريا، لكي لا تستجلب الحروب إلى عندنا كما زعمت، لكن الحروب وصلت إلى الضاحية والبقاع، وعكار… رائع! ورداً على هذه «النكسات» كان لا بد للحزب (ومَنْ وراءه) أن يخلط بين الارهاب ذي «اللون» السني، وبين سنة لبنان والعراق. (يعني اعلان حرب أهلية). ومن هنا بالذات تصاعد التشنج الشيعي السني في لبنان، الذي حركته ايران والأميركيون عندما اسقط نظام صدام «السني» وسلمت «بلاد الرافدين» إلى ايران الشيعية. فلتتهم كل «خصومنا» في لبنان، بدعم الارهاب. هذه هي الوصفة الجديدة. لكن الضربات كانت تتوالى على الحزب في سوريا (وفي القلمون بعدما أعلن سيطرته عليها واحتفل بفوزه «المبين»!) وسقوط الضحايا من الشباب الشيعي اللبناني الذي سيق إلى حرب ليست حربه، بدأ يتفاقم. صار العبء أكبر من الحزب. والحزب صار اصغر من الحدث. صار لاعباً صغيراً مثل النظام: الحزب والنظام وفيلق القدس والمرتزقة المستجلبون من جهات العالم الأربع ليخوضوا حرباً «جهادية» ضد السنة، باتوا كلهم في خلفية المشهد. وهنا بالذات كان على الحزب (نصيحة من ايران، ومن خلال التدخل الأجنبي الأميركي الأوروبي لمحاربة الارهاب) ان يعود خفراً إلى لبنان: لا يمكن أن يستمر خوض عدة حروب معاًـ، وهو بات فيها كلها «رقماً» صغيراً! ويتساءل الحريصون على الجمهورية: أهذه هي الوقائع والاسباب التي حملت الحزب على الترحيب بالحوار مع المستقبل؟ ربما! (يجب عدم اغفال الوضع الاقتصادي المستنزف في ايران وروسيا). لكن اترى هل تصنع كل هذه الأسباب الكثيرة انجازاً صغيراً، أو أساسياً ينتج عن الحوار؟ كل هذا الجنون الذي ركبه الحزب في السنوات الأخيرة في سبيله للانقضاض على الدولة، وتخوين الآخرين او اغتيالهم، أو ترهيبهم . أو الاستئثار بقرار الحرب والسلم… وما نتج عن ذلك من كوارث وويلات. اترى يؤدي الحوار إلى عودة ولو بالنقاط إلى صواب الجمهورية، أو بعض صوابها؟ بمعنى آخر هل يمكن ان تتزحزح «استراتيجيته« التوسعية (ضمن المخططات الايرانية) إلى اعادة نظر، فسيكون لقيصر ما لقيصر ولله ما لله؟! هل يمكن ان يتحرك «ضمير» الحزب الوطني والسياسي ولو شبراً، فيرى ان بين «جماهيريته» والجمهورية الشرعية ، هاوية لا بد ان يسقط فيها التاريخ والدولة والحزب والجيش… والدستور والحدود؟ اترى هل سيستمر في ربط مصير الجمهورية بإرادة خارجية كشرت مرات عن وقاحتها باعتبار لبنان «ولاية إيرانية» ! وهل يقبل شيعة لبنان ان يتخلوا (كما يفرض حزبهم الأثيري) عن هويتهم اللبنانية وحتى الشيعية (اخترعت ايران اسلاماً جديداً، وشيعية تلائم أهدافها)؟ الا يتطلعون قليلاً إلى الوراء ويرون كيف دُمر لبنان من زحمة الغاء هويته الوطنية والعربية والتاريخية عند الميليشيات التقسيمية السابقة؟ هذه التساؤلات لا بد ان تستتبع أخرى: اترى، لو قام ربيع شيعي في لبنان، شعبي، ووطني، وجذوري، الن يكون السبيل الوحيد لإرجاع حزب الله إلى الوطن وإلى ولائه للوطن وللجمهورية؟ لكن، قد يُستبعد هذا الأمر، لأن الحزب يتعامل مع نوع حضوره في لبنان باعتباره «نظاماً» داخل النظام الراهن. نظاماً دكتاتورياً داخل نظام ديموقراطي. نظاماً «خارجياً« مزروعاً داخل النظام الداخلي. وعلى هذا الاساس، (يستبعد الحريصون على الجمهورية) احتمال قيام ربيع شيعي، لأن حزب الله سيعاملهم كما تعامل بشار الاسد والقذافي وخامنئي مع الربيعين العربي والايراني! وأن الحزب يعتبر نفسه «الشرعية» المذهبية الأولى والشرعية المذهبية الأقوى، والقوة الخارجية الافعل، فمن الصعب ان يتخلى عن فكرة شرعيته، داخل كانتوناته وداخل الواقع السياسي اللبناني حزب الله «دولة»: هذه هي الذهنية التي يتصرف على أساسها! الدولة هو وهو الدولة، متماهياً بفكرة «المرشد» الفارسي، والقيادات الاستبدادية المعروفة! فأي دولة مثل دولته يمكن ان تتخلى عن شرعيتها ازاء «انتفاضة».. خاصة دويلة مليئة بالحذر و«البطش« و«المخدرات« المذهبية؟ هنا، يبدأ الحوار اليوم، وسط اسلاك «مكهربة» شائكة وفخاخ ومتاريس و»شرعيات»، وهويات وانتماءات: من هنا، من الصعب اعتبار هذا الحوار قائماً بين مجرد «فرقاء» محليين، بمواقعهم الشعبية والتاريخية، والطائفية والوطنية: انه حوار الأقنعة! فحزب الله يتقدم إلى الحوار كشرعية جمهورية كاملة من الصعب ان يقبل يمس «سيادتها» أو «حدودها» أو «جيشها» أو قراراتها الاستثنائية. دولة حزب تريد ان تحاور الدولة المتمثلة بالفريق السني وبينهما الفرقاء المسيحيون! لكن من الطبيعي، ان الحزب عندما يُعرّف نفسه، مداورة أو مباشرة بأنه الدولة، من الطبيعي ان يرى في محاوريه «اطراف» دولة أخرى، تريد عبر مطالبها تدمير دولته المعترف بها من ايران والنظام السوري وبعض الفرقاء المحليين الذين سبق واعترفوا بأحقية دولة «فتح لاند» على الدولة اللبنانية وجيش المقاومة الفلسطينية على الجيش اللبناني. فالتاريخ يعيد نفسه» فكأن الحروب والأحداث التي شهدها لبنان منذ 1975 وحتى الآن: هي حروب «كيانات» «مستقلة« اي «جمهوريات مستقلة» او «حدود جغرافية مستقلة» او ميليشيات ذات شرعية عسكرية مستقرة. حروب الكيانات ما زالت مستمرة اليوم مع حزب الله! انه «الكيان» المقدس الوحيد! وبعدما تخلت الميليشيات عن مشاريعها الكيانية، كان على الحزب ان يطور «كياناتها» السابقة إلى ابعد من لبنان لتصير كياناً مستقلاً انما تابع لكيان أكبر منه هو إيران! وهذا تطور كبير في مسألة الكيانية نفذها حزب الله على مراحل.

ويتساءل هنا الحريصون على الجمهورية: ايكون حوار اليوم حوار كيان انفصل عن الدولة: او مشروع الدولة؟ ام ان الحزب وصل إلى اقتناع ان مشروعه قد «اجهض» وعليه ترتيب هذه الكيانية بأقل خسائر ممكنة؟ ونظن أن فئة الحريصين على الجمهورية (ومنهم داخل الحوار متمثل بتيار المستقبل)، قد بالغت في تحميل هذا الحوار كل هذه الأعباء التي تكدست منذ 40 عاماً وأكثر. قد تكون أسئلة هذه الفئة «مجنونة» وغير واقعية… ذلك لأن جدول أعمال المتحاورين قد يندرج إلى حدود البديهيات، حل «سرايا الغستابو أو المقاومة»، أو انتخاب رئيس جديد… أو إلى حدود الحالات النفسية: تنفيس الاحتقان السني. والغريب أن السيد لاريجاني رئيس مجلس نواب إيران العظمى (باعتبار أن كل ما تنتجه جمهوريته عظيم كعظمتها كالحوثيين وحزب الله وفيلق القدس… ولمَ لا سليماني «هملر« النظام الإيراني). وهل يحتاج «تنفيس الأنفاس المحتقنة إلى حوار بلا صورة، أو صورة بلا حوار؟ ذلك لأن هذه التشنجات المذهبية السنية الشيعية من صنع الملالي واسرائيل واميركا في المنطقة، وحليف الحزب النظام السوري… وتالياً منه. وكان يكفي، وبقرار «خارجي» (أو داخلي) أن ينزع هذا الفتيل لأن فريق «المستقبل« من الداعين إلى الاعتدال، والعاملين على كبح الغرائز والتململات، وهي سياسته التي يعرفها كل الناس. فالحزب هو المتهم بتوتير الأجواء المذهبية، ويمكن معالجة هذا الأمر من دون توريط «الآخرين» فيه! أما مسألة ملء الفراغ الرئاسي، فالمسؤول الأول والأخير هو الحزب، عبر اعتماده المنظم لتعطيل جلسات الانتخاب، والتمسك بمرشح واحد هو العماد عون أو لا أحد، وكأن هذا التشبث يأتي من باب «وفائه» للحلفاء… تماماً كما كان وفياً لميشال سماحة بعد مسألة المتفجرات، والمتهمين الأربعة بقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتطويبهم «قديسين!»، وإخفائهم في كانتونه. فميشال عون هو مرشح دائم منذ التسعينات حتى اليوم، ولم يحالفه الحظ، فلماذا عليه أن يختزل كل المرشحين الموارنة، سواء باختزال فردي أو ثنائي مع سمير جعجع أو سواه. ونظن، أن التمسك بالجنرال ليس وفاء… بل لعبة مكشوفة لأحداث فراغ في رئاسة الجمهورية، وتعطيل آلية الدستور وشرعية البرلمان نفسه (سبق أن أقفل الحزب البرلمان سنة ونصف السنة بكل إيمان وجهادية عالية!). قلنا أ، هذا الحوار قد يصل وقد لا يصل حتى إلى البديهيات وخصوصاً الفراغ الجمهوري الوحيد في العالم! (تأملوا إيران بلا رئيس! أو بلا مرشد!). فهل يكون حوار «الميكرو« بديهيات، أم حوار فرويدي لتنفيس الاحتقان، أو وطني للتآزر للدفاع عن لبنان إزاء الأخطار التي تهدده.

ما دون البديهيات يعني أن الحوار قد «نفع» في مكان ما: أي في اللحظة الخطرة المشؤومة التي «أوصل» إليها لبنان: والاتفاق على «خارطة طريق» (بطريق واحدة) لحماية لبنان. لكن هذه البديهيات، هل صارت من المعجزات! وإذا كان الحوار هو حماية لبنان والجمهورية: فأين رئيس الجمهورية ليرعى هذا الحوار، وبملأ الفراغ الذي يعوّض!

وأخيراً، ومن خلال «الفرح» بهذه البديهيات، ماذا سيكون موقع الدولة (البلارأس)، والحزب والمقاومة وأسلحتها! أهي الأسئلة الصغيرة المسموح بها في البديهيات الصغرى!

وأخيراً، وعلى الرغم من كل هذه التخوم المحددة، والأساسيات المؤجلة… فإن لقاء «المستقبل» و»حزب الله» (بعد انقطاع بدأ مع انقلاب القمصان السود)، لا بد من أن يكون مفيداً، وذا وقع، وذا تأثير على الناس، الذين يرون في هذا اللقاء… ربما، كوة تفتح على كل ما عانوه ويعانونه من حروب، وخوف، وجنون.