ما الذي يجمع جعجع والجميل بباسيل… وهل نسيَ «التغييريّون» شعارات «الثورة»؟
لم يخطىء رئيس حزب «القوات» سمير جعجع حين عزا إنجاز الفضل في إتفاق المعارضة مع «التيار الوطني الحر» بأنه يعود الى المرشح سليمان فرنجية ، فكل أهداف الكتل المسيحية تجمعت عند هدف إسقاط فرنجية ومنعه من الوصول الى قصر بعبدا، لكونه من المنظومة السياسية الماضية ومرشح فريق الممانعة، بتصنيف خصوم فرنجية، لكن ما لا يقوله الخصوم ان تصنيفهم وعدم قبولهم بفرنجية يخضع ايضا لحسابات وأجندات معينة.
فالمعارضة، نجحت بضم رئيس «التيار الوطني الحر» الى صفوفها للسير بالمرشح جهاد أزعور، معولة على نتائج إيجابية من لقاء الإليزيه بين البطريرك بشارة الراعي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتكتمل ظروف المعركة الانتخابية لمرشحها في ساحة النجمة، إلا ان خطوة المعارضة كما تقول مصادر سياسية ينقصها العديد من العناصر، فإتفاق المعارضة حتى اللحظة على إسم أزعور لا يزال «مهتزا» ، لأنه لم يبن على قاعدة صلبة بل على مصالح مشتركة ، فليس صحيحا ان القوى المسيحية لم تتفق على فرنجية بسبب انتمائه الى محور سياسي، بقدر ما جاء تجمع الكتل المسيحية لحسابات رئاسية محضة تتعلق بمستقبل الزعامة المسيحية.
عوامل كثيرة، تضيف المصادر، دفعت باسيل الى التصلب في رفض فرنجية، لا تتعلق فقط بالعواطف السياسية وعدم الانسجام بين زغرتا وميرنا الشالوحي في حقبة العهد، فمستقبل الزعامة المسيحية كانت وراء التشدد في ممانعة وصول فرنجية، والأمر نفسه ينطبق على الخصومة مع قائد الجيش جوزف عون، كلما عاد اسمه الى التداول في البورصة الرئاسية، وهذا الواقع ينسحب بصورة مختلفة على معراب والصيفي لمعرفتهما مسبقا بانعدام فرصهما الرئاسية، فاختارت قيادات معراب والصيفي والقوى المسيحية الأخرى ان تكتفي بدور لها في محاولة صناعة الرئيس المقبل.
واشارت المصادر الى انه يمكن الركون الى التجاذبات في اجتماع تكتل «لبنان القوي» الاخير، لتبيان مدى التخبط الذي رافق إعلان ترشيح أزعور ، فالنائب جبران باسيل استعان بوهج حضور وتأثير الرئيس ميشال عون لضبط إيقاع بعض النواب داخل التكتل، ومنع انفلاش النزعات الرئاسية في حزبه، مع بروز حالات غير مؤيدة لخيار مرشح المعارضة في التكتل، حيث يعتبر نواب «الحالة الخاصة» في التيار انه لا يجوز التفريق بين فرنجية وأزعور، فالأول في اصطفاف سياسي معروف، والثاني أسهم في خيارات مالية واقتصادية خاطئة من عام ٢٠٠٥ الى عام ٢٠٠٨.
واعتبرت المصادر ان تمسك تكتل «لبنان القوي» بعبارة «تقاطع» مع المعارضة، يدل على عدم وجود وضوح في الرؤية المشتركة مع القوى المسيحية الأخرى، وان الإتفاق حصل على التسمية فقط ولم يشمل المشروع والبرنامج، إلا إذا كانت الضبابية وعدم ذهاب التيار الى التبني الجريء عبر الإعلان الرسمي لترشيح أزعور، هو لعدم استفزاز حزب الله وترك الأمور مفتوحة لعملية استدراج عروض في الملف الرئاسي وتشعباته.
يتساءل المنتقدون لتحالف الكتل المسيحية عما يجمع هذه القوى المتشرذمة من وقت بعيد في الاستحقاق الرئاسي اليوم، فرئيسا «القوات» و»الكتائب» لم يتفقا يوما مع رئيس «الوطني الحر»، وأجمعا ان عهد الرئيس ميشال عون أوصل لبنان الى جهنم، فيما نواب «التغيير» لم يسقطوا شعارات «الثورة» ضد باسيل والمطالبة بمحاسبته. والسؤال الأساسي الذي يطرح: ما سر الإتفاق المسيحي على مرشح رئاسي كان وزيرا للمالية في حكومة الرئيس السابق فؤاد السنيورة؟
بالمؤكد ان الإتفاق المسيحي أعاد خلط الأوراق الرئاسية، تضيف المصادر، لكن التوافق حول إسم مرشح المعارضة تدور حوله علامات استفهام، فالتيار لا يخوض معركة أزعور بالذهنية والحماسة كما فعل يوم ترشح رئيسه ميشال عون، بل أعلن تبني ترشيح أزعور بالتوافق مع المعارضة، فيما التساؤلات عن موقع كتلتي «اللقاء الديموقراطي» و»الاعتدال الوطني».
فاعلان الإتفاق المسيحي على اسم مرشح مهم جدا، تقول المصادر، لكن الإنتخابات الرئاسية لا تسير فقط وفق الحسابات المسيحية الصرف، فهناك التوافق الإقليمي وموقف «الثنائي الشيعي» الذي يعتبر ترشيح أزعور بالشكل الذي جرى» تحديا» كبيرا له، خصوصا ان إسم أزعور هبط بالمظلة على الكتل المسيحية. والسؤال أيضا عن ورقة مخفية يمكن ان تظهر عندما تحين الساعة الإنتخابية.