هل يتسع الوقت، في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، لأن نعود الى معادلة الموالاة والمعارضة؟ الجواب، في تقديرنا، هو بالإيجاب. فلن يستقيم الوضع في أي بلد من دون قيام معارضة فاعلة خصوصاً في بلدنا الذي نتغزل، بمناسبة ومن دون مناسبة، بأن نظامه برلماني ديموقراطي. وهو كذلك إذا استندنا الى النصوص الدستورية سواء أكانت تلك التي أنتجتها الجمهورية الأولى أم تلك التي انبثقت من اتفاق الطائف، بالرغم من تحفظات ومآخذ على التجربتين.
وفي لبنان معارضة يفترض أنها قوية إذا نظرنا الى حيثيات قياداتها الثلاث. فالرئيس سعد الحريري هو الأول في الطائفة السنية الكريمة من دون منازع إضافة الى امتداد ملحوظ في سائر الأطياف. والدكتور سمير جعجع أثبت وجوده الحزبي الوازن في الانتخابات النيابية الأخيرة وهو يترأس واحدة من الكتل الكبرى. اما الوزير السابق وليد جنبلاط فلا حاجة الى الكلام على طغيان شعبيته الكبيرة داخل فريقه.
إلا أن المسألة ليست هنا، إنما هي في عدم قدرة هذه القوى الثلاث على التوافق على برنامج عمل موحد وواضح يكون تحقيقه هدفاً مركزياً إنطلاقاً من الاعتراض على السلطة، والخطة للمستقبل.
جنبلاط بادر، عشية لقاء قصر بعبدا حول الخطة الإصلاحية، ومن القصر بالذات، إلى إعلان عدم رغبته في أي تحالف ثنائياً كان أو ثلاثياً. والدكتور سمير جعجع أعلن، من القصر ذاته، إثر اجتماع الخطة، إنه يعارض “سياسة” العهد. وكان سبق له أن طالب ركني المعارضة الآخرين بالتفاهم الشامل على تفاصيل أي تحالف مسبقاً. والذين يزعمون أنهم يعرفون مواقف الحكيم يقولون إنه يريد التفاهم فالاتفاق سلفاً ليس فقط على كيفية معالجة الشأنين المالي والاقتصادي الحرجين جداً، إنما أيضاً على موقف نهائي وحاسم من: 1 -مسألة تقديم موعد الانتخابات النيابية. 2 – الحكومة البديل. 3 -موقف موحد من مرشح لرئاسة الجمهورية يتفق الثلاثي المعارض عليه ويعمل أركانه على إيصاله الى سدة الرئاسة عندما يحين أوان الانتخابات الرئاسية. وهذه النقط الثلاث يصعب التوصل الى الاتفاق عليها منذ اليوم، خصوصاً أن بينها ما يتداخل فيه الداخلي بالخارجي.
وتلك هي المسألة.
علماً أن الفجوات بين أركان الموالاة تكاد أن تكون أكبر.