Site icon IMLebanon

“الخماسيّة” لم تشتر “خارطة الطريق”… والحوار مع الطرف الأقوى مسؤول سياسي رفيع للمعارضة : تواضعوا ولا تجبروا الآخرين التخلّي عن التواضع؟ 

 

 

حركة المعارضة “دون بركة” رئاسيا. وما جرى خلال الساعات القليلة الماضية، لم يكن الا مجرد محاولة جديدة لاثبات الحضور الداخلي في مواجهة “تسونامي” حزب الله الاقليمي، والخوف من “الخروج من المولد بلا حمص”، اذا تمت “الصفقة” في حرب غزة وانعكست هدوءا على الجبهة اللبنانية، بما يفتح المجال لبدء التفاوض الجدي بين الولايات المتحدة والحزب على نحو غير مباشر، لترتيب الاوضاع جنوبا.

 

وما تخشاه تلك القوى ان يكونوا خارج الصورة وتتم التفاهمات على حسابهم، ولهذا يحاولون الكرّة مرة جديدة لاثبات حضورهم الداخلي، لكن دون جدوى لان ما سمعوه في اللقاء  في  قصر الصنوبر من سفراء “الخماسية”  لم يكن مبشرا، لجهة النظر اليهم كثقل سياسي يمكن الرهان عليه لتعديل موازين القوى. وما حصلوا عليه، بحسب مصادر مطلعة، مجرد كلمات مجاملة حول “خارطة طريق” لن تجد الطريق الى التنفيذ، وسمعوا ايضا كلاما واضحا عن عدم وجود اي وضوح في الصورة حيال الملف اللبناني قبل توقف الحرب في غزة، وما سينتج عنها سيكون الفصل في تحديد بوصلة التوجهات الداخلية. كما لم يسمعوا ما يطمئن القلب حيال عدم حصول تنازلات لحزب الله داخليا مقابل التسوية الاقليمية، بل لم يسمعوا كلاما يفيد بان الخارج سيتحرك بناء على المبادرة الجديدة، كونها لم تقدم جديدا يمكن البناء عليه لتحريك “المياه الراكدة”، اي بمعنى آخر الطرح “ولد ميتا” ولن يبنى عليه جديدا، والانتظار سيد الموقف، حيث ستحدد غزة ماهية ما ستؤول اليه الامور في لبنان، فوقف النار له حساباته، واستمرار الحرب سيكون له تداعيات مختلفة لن تكون الجبهة اللبنانية بعيدة عنه.

 

وفي هذا السياق، لا يبدو حزب الله منخرطا في هذا البحث “البيزنطي” عن مشكلة المعارضة التائهة في الشكل والمضمون، والخائفة من “بيعها” من قبل حلفائها، وهو مستمر في مساندة دعم جبهة غزة، ويواصل القيام بما يجب ان يقوم به  لردع كيان الاحتلال من شن حرب شاملة على لبنان، عبر الرسائل النارية والنفسية والاستخباراتية، اما مشكلة الرئاسة فلا ربط بينها وبين الواجب الجهادي تجاه فلسطين وحماية لبنان،، لكن اذا ظن خصومه انه يمكن استغلال الواقع الاقليمي لصالحهم، فالامر مثير للسخرية، كما تقول اوساط مقربة من الحزب، لان عدم رغبة المقاومة في الربط لا تعني انها ضعيفة، بل ثمة نصيحة وصلت الى المعارضة قبل ساعات من مسؤول سياسي رفيع في المقلب الآخر، قال صراحة امام زواره “عليهم ان يتواضعوا بعض الشيء كي لا يجبروا الطرف الآخر على عدم التواضع، وعندها سيكون التعاطي مختلفا للغاية”. وتساءلت تلك المرجعية” الا يقرأ هؤلاء ما يقوله “الاسرائيليون”، الم يفهموا بعد ان واشنطن قد سلمت بشروط حزب الله التفاوضية، فعلى ماذا يراهنون؟!

 

ولفتت تلك الاوساط، الى ان المعارضة تبدو “صغيرة” للغاية امام احداث المنطقة، حزب الله يتحضر لما هو اسوأ على الجبهة الجنوبية ، على الرغم من المعطيات الميدانية التي تفيد بان الحرب مستبعدة الآن على الاقل، لكنها تبقى الاولوية ولا مكان للصغائر الداخلية التي لن تفضي الى اي نتائج، في خضم معركة ستحدد مستقبل المنطقة، بعد ان نجح حزب الله بان يكون لاعبا مؤثرا للغاية، فيما تعيش قوى المعارضة حالة انفصام وانكار للواقع كما تعيشه القيادات “الاسرائيلية”، ويكفي قراءة ما يقوله المسؤولون “الاسرائيليون” وجنرلاتهم لمعرفة دقة هذه المقارنة، وحجم القلق الاستراتيجي من المقاومة..

 

وفي هذا السياق، يكفي ابراز ما قاله عوفر شيلح، عضو الكنيست والرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن، والباحث الأمنيّ والعسكريّ، الذي اكد “ان حرب غزة كشفت عن تحدٍّ معقدٍ متمثلٍ في نشوب حربٍ متعددة الساحات”، واضاف ” لم أتخيل أنّنا سنفسد بهذه الطريقة بسبب النتائج غير المحتملة للحرب، عقب التقدير الخاطئ بأنّ مقاتلي حماس لا يستطيعون أنْ يفعلوا بنا ما فعلوه، وهذا خطأ وخلل “إسرائيليّ” عميق يشمل كلّ الدولة، مفاده أنّنا غير قادرين على النظر في جميع المستويات إلى مكاننا في الشرق الأوسط، وتصورنا للأمن من منظورٍ عمليٍّ يأخذ في الاعتبار المصالح والقدرات والقيود”. وأشار شيلح إلى أنّ “تكرار الإسرائيليين لبعض المفردات من قبيل “جيشنا الأفضل في العالم” أوْ “الموساد أفضل استخبارات في العالم” أوْ “أفضل قوة جويّة في العالم”، يعكس حاجة ذهنيّة “إسرائيليّة”، وليس بالضرورة واقعا فعليا، ويعتبر كلّ مَنْ يرفضها خائنا للدول، أوْ أنّه لا يحبّها، وغير مخلص لها، ببساطة “الإسرائيليون” غير قادرين على إجراء هذه المناقشة”.

 

وكما المعارضة في لبنان، يبدو ان غالبية المسؤولين “الاسرائيليين” يخوضون نقاشا في تفاصيل صغيرة، ويقول شيلح انهم في أغلب الأوقات “يخوضون نقاشات حول وحل التحديات اليومية: قنبلة في رفح، مواجهة في طولكرم، صاروخ مضاد للدبابات في المطلة، مظاهرات للمختطفين، تدوينة غبية بقلم إيتمار بن غفير، فإنّهم لا يمنحون مزيدا من الوقت للتعامل مع التحدّيات الاستراتيجيّة المعقدة التي يواجهونها، لأنّهم لا يملكون الوقت لسماعها، رغم أنّهم يعيشون في حالة من عدم اليقين، من أنّ هذه الدولة ستستمر في الوجود” . وأوضح أنّ “تفسير هذه المعطيات يعني انعدام الثقة العميقة في مستقبل هذه الدولة، ولم يعد الشعار “معا سننتصر”، ولكن “معا نخشى أنْ نخسر”، وهذا تحوّلٌ إشكاليٌّ للغاية، لأنّها تعني انتقال الأغلبية “الإسرائيليّة” إلى شعورٍ عميقٍ بالقلق، وعدم الأمان في وجود الدولة، ما يزيد من مشاعر كراهية الآخر”.

 

ويخلص شيلح الى القول ” ان الحكومة الحالية مرشحة بارزة للحصول على لقب  أسوأ حكومة بتاريخ الأمم، بسبب سياسة الغطرسة التي تقودها، والبديل لذلك أنْ تسعى الدولة جاهدة، وبأقصى ما تستطيع لإنهاء الحرب في غزة، يجب أنْ تنتهي الحرب الآن، لأنّه على الجانب الآخر هناك عدوٌّ قويٌّ، يعتقد اليوم، ربّما للمرة الأولى على الإطلاق، أنّه قادرٌ على هزيمتنا..”

 

وربما تقول مصادر سياسية بارزة، يمكن ان تكون “المعارضة” في لبنان الاسوأ في تاريخ الامم، لانها اختارت ان تقف في المكان الخاطىء من التاريخ، وهي تعزل نفسها عن الواقع ما قد تدفع ثمنه لاحقا، المزيد من الضعف وعدم التأثير في الواقع اللبناني، لانه ببساطة الخارج لن يفاوض الا الاقوياء، وبدل ان يكونوا مع الجهة الرابحة، يخوضون رهانات خاسرة، وعندما تنضج الظروف لن يتوقف احد عند كل شعاراتهم “الرنانة”، وسيطلب منهم “البصم” على التسوية التي يؤخرونها اليوم عن جهل وغطرسة، وحسابات اقل ما يقال فيها انها خاطئة وساذجة.