يتعذّر تقبّل هذه الإستماتة على التوزير. ونود أن نشير الى أن كلامنا لا يُقْتَصر على العقدة الأخيرة المسمّاة «السنيّة» بل يتناول مساراً طويلاً تجاوز الأشهر الخمسة إنما هذه العقدة المستجدة باتت بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير.
ونود أن نؤكّد، ها هنا، على أننا نتناول هذا الموضوع من حيث المبدأ، وقد سبق لنا أن تناولناه أمام كلّ عقبة «طبيعية» أو مصطنعة نُصبت في طريق تأليف الحكومة. إلاّ أنّ الوضع، اليوم، لم يعد يتسع الى المزيد من سعة صدر الناس وسعة «صدر» الإقتصاد الوطني في معاناته.
ويا سيّدي (وتكراراً لما تناولناه مراراً) هل أضحت «المعارضة» «كخّ»؟!. أليست هي الوجه الآخر للحكم؟ وهل أخطأت ولا تزال تخطىء الديموقراطيات العريقة التي تتشكل فيها حكومات الظلّ المعارضة؟ ألم تأتكم أخبار حكومات الظل التي غالباً ما يكون دورها الرقابي ذا فعالية توازي فعالية دور الحكومات التي تستقيم أوضاعها بالثقة البرلمانية وتنظر الى أهل المعارضة بكثير من الإحترام؟!.
إن دور المعارضة هو إحصاء أنفاس أهل الحكم. وهي بهذا الدور تعزّز حيثيتها الشعبية بقدر ما تؤدي خدمة للبلد، أي بلد، تنتظم فيه الممارسة الديموقراطية.
ولكن يبدو أن مفهوم الحكم بات، عندنا، موازياً للمنافع الشخصية. ولعلنا لم نتوان يوماً عن القول بضرورة المعارضة. وكنّا وما زلنا نطالب بقيام معارضة فاعلة. من هذا المنطلق عارضنا بقوّة ما يسمّونه «حكومة الوحدة الوطنية». وهذه بدعة قائمة في حد ذاتها تتعارض وأبسط الأصول الديموقراطية خصوصاً لأنها تقضي على التعددية. فأي منطق يقول بتشكيل الحكومات مع أطياف المجلس النيابي كلها؟ وماذا سيكون مصير الرقابة على أعمال الحكومة؟!
ويكاد الخبراء في علم القانون الدستوري يجمعون على إلزامية وجود المعارضة (السياسية، طبعاً)… ويمكن أن نقدّم مئات الأمثلة والمقتبسات من كبار علماء القانون والدستور والسياسة، وهو ما لا تتّسع له هذه العجالة.
هذا من حيث المبدأ. أما في ما يتناول ما ينبت على طريق تشكيل الحكومة، أو ما يُزرع على هذا الطريق من عقبات فبات نوعاً متزايداً من الغنج والدلال، ولكن من أسف شديد بكثير من الإساءة الى هذا الوطن وإلى هذا الشعب.
ثم إن المبدأ الدستوري (اللبناني) للتشكيل، وأصول تأليف الحكومة، وقواعده… فهي كلها مهدّدة بالسقوط وتحويل هذا الوطن الى مرتع للأهواء والغايات والمصالح الآنية… وأيضاً للأحقاد والنكايات وتسجيل النقط والأهداف كل في مرمى الآخر.
ومؤسف أن يكون من يفترض بهم أنهم أبرز حلفاء العهد ينغّصون على سيّد العهد الرئيس ميشال عون فرحة مطلع السنة الثالثة من الولاية!