لا تزال المساعي التي يبذلها رئيس الحكومة تمام سلام للوصول إلى اعتماد نهج جديد للعمل داخل مجلس الوزراء، تصطدم بمواقف وثوابت سياسية ودستورية في آن، وذلك من قبل القوى السياسية كافة، والتي تضع كل منها مقاربة مختلفة للأسلوب المفترض اعتماده في العمل الحكومي أثناء الشغور الرئاسي. وفي الوقت الذي يرى فيه الرئيس سلام أن استمرار الآلية الحالية سيؤدي إلى الحائط المسدود وتعطيل مؤسّسة مجلس الوزراء، وجدت مصادر نيابية مطّلعة، أن الموافقة على أي تعديل في أسس العمل داخل حكومة «المصلحة الوطنية»، هو كإعطاء الضوء الأخضر للتمديد للمرحلة الحالية، وبشكل غير مباشر التصوير بأن الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية لا يؤثّرفي عجلة العمل الحكومية، وذلك بصرف النظر عن الشغور الرئاسي. وانطلقت المصادر في مقاربتها هذه للواقع الوزاري، بالإشارة إلى أن تسهيل العمل قد يدفع، وعن غير قصد، إلى استسهال الفراغ في موقع الرئاسة وبالتالي، فإن استعادة العمل الحكومي لزخمه ونشاطه كما يطالب الرئيس سلام، تتم من خلال التوافق بين هذه المكوّنات على الابتعاد عن أسلوب العرقلة والتعطيل .
وأضافت المصادر النيابية نفسها، أن التوافق لا يعني بالضرورة تأمين الإجماع داخل مجلس الوزراء حول أي بند يجري طرحه على جدول أعمال الحكومة، لافتة إلى أن الأولوية هي للحؤول دون امتداد الشلل من مؤسّسة رئاسة الجمهورية إلى مؤسّسة مجلس الوزراء، وبالتالي تحويل التعطيل نهجاً في المؤسّسات الرسمية كافة. وإذ اعتبرت المصادر، أن رئيس الحكومة يستمر في مشاوراته مع المرجعيات السياسية للوصول إلى معادلة تؤمّن التفاهم الذي يدعو إليه لتغيير آلية اتخاذ القرارات الوزارية، كشفت أن التجاوب معه لا يزال فاتراً، والسبب واضح لدى الجميع، وهو معارضة تكريس عرف حكومي جديد، خصوصاً لدى الكتل النيابية المسيحية التي ترى أن إعادة النظر في الآلية التوافقية المعتمدة في الحكومة لا يجب أن تتجاوز حدود تسيير أعمال الإدارات والمواطنين، بحيث تمنع الشلل الحكومي، ولكن لا تؤمّن في المقابل أي صيغة تتحوّل مع الوقت إلى عرف مستمر فيما لو تأخّرت الانتخابات الرئاسية. وأوضحت أن رؤساء هذه الكتل قد أبلغت رئيس الحكومة وجوب اللجوء إلى اعتماد النصوص الدستورية التي تحدّد سبل التعاطي الوزاري والآلية القانونية المحدّدة بالدستور بالنسبة للقرارات العادية، وبالنسبة للقرارات ذات الطابع الوطني والمهم.
وأضافت المصادر النيابية ذاتها، أن مسيرة الرئيس سلام في تعديل الآلية الوزارية، قد تكون طويلة حيث أن الأكثرية يجب أن تؤمّن قبل اتخاذ أي قرار مهم، فيما النصف زائداً واحداً هو ضروري في القرارات العادية. وكشفت أن هذه الآلية ملائمة وقادرة على تسهيل العمل الحكومي، ولكن العقدة تتركّز في طريقة التعاطي مع القرارات لجهة اعتبار بعضها مهماً، فيما هو عادي ولا يتطلّب أكثرية الثلثين داخل مجلس الوزراء في غياب رئيس الجمهورية. وخلصت المصادر، إلى أن العلّة في الآلية الحالية ليست في النصوص، بل في أسلوب مقاربتها، وتحديداً طريقة تطبيقها من قبل الوزراء، ولذلك، فإن علاجها يكون بالتوافق السياسي وبالإجماع على الاحتكام للدستور في هذا المجال، وليس من خلال تعديل آلية العمل الوزارية.