لم تعلن المعارضة في البيان الذي أصدرته، سوى تأكيد المؤكد. ما كان يُبحث في الأروقة والاجتماعات التنسيقية، تحوّل إلى موقف معلن يُراد منه استباق زيارة لودريان التي ربما تكون الأخيرة. الرسائل واضحة ولا لبس فيها، لكنها تختصر بموقف لا رجوع عنه. لا جلوس للمعارضة الى طاولة واحدة مع «حزب الله»، والأولوية انتخاب الرئيس الذي يمكنه متى أصبح في قصر بعبدا، أن يرعى حواراً حول السلاح أو غيره من المواضيع الخلافية.
لم يكن بيان المعارضة سوى نتيجة حتمية لجولة تشاور، اختتمت بالموقف الموحد، علماً أنّ اتجاهاً كان يريد إبداء مرونة أكبر مع مهمة لودريان، إلا أنّ التوجه الحاسم، اعتمد من أغلبية القوى المعارضة، وستكون النتائج على الشكل الآتي:
لن ينجح لودريان متى جاء في أيلول بجمع الصورة الموحدة لا الى طاولة مستديرة، ولا في مؤتمر صحافي، وقد تبلّغ لودريان الرفض القاطع لهذا الأمر، من أكثر من قوة معارضة، باعتبار أن هذه الصورة التي تتمنى فرنسا تحقيقها، ليست مجرد صورة رمزية، بل هي امتداد لطاولة الـ2006، ولحوارات بعبدا العقيمة، التي استغلها «حزب الله» للمناورة، ثم عاد ورمى نتائجها في سلة المهملات، بعد انتفاء الحاجة إليها. لن ينجح لودريان في تخطي بيان الدوحة، الذي شكل خريطة طريق عربية ودولية لانتخاب رئيس لا ينتمي إلى الممانعة، ومهما حاولت المبادرة الفرنسية الالتفاف على بيان الدوحة الذي وقعت عليه، فلن تنجح في تجويفه، ولا في قطع الطريق على هذا البيان المصاغ بدقة، لا يمكن تجاوزها، ببعض البهلوانيات، التي مارستها الدبلوماسية الفرنسية، التي استعملت وسائل غير معهودة لإقناع المعارضة بالمشاركة في الحوار، والتي ادّعت من دون مصداقية كبيرة، أنّها مُكلفة من مجموعة الخمس بترتيب هذا الحوار. لن ينجح لودريان، في تشريع خطة «حزب الله» الذي يريد نيل صورة الحوار لفرض المرشح الرئاسي الذي يطمئن إليه، باعتبار أنّ وظيفة رئيس الجمهورية هي تأمين الاطمئنان للسلاح. ما قالته المعارضة يصلح للمرحلة المقبلة، المرشحة لأن تطول، بسبب إصرار «حزب الله» على خطف رئاسة الجمهورية، وعلى إعادة تجديد منظومة سيطرته على القرار اللبناني، بدءاً من تعيين رئيس حليف، مروراً بتشكيل حكومة على قياس هذه السيطرة.
سيكون شهر أيلول بداية النهاية الفعلية للمبادرة الفرنسية التي ستجد نفسها مضطرة للانكفاء أمام مجموعة الخمس، لا سيّما وأن فرنسا جزء من هذه المجموعة. أمّا السؤال الأبرز فسيتركز حول مضمون الجواب الفرنسي على تمسك المعارضة ببيان الدوحة، الذي التزمت به فرنسا رغماً عن مبادرتها.