Site icon IMLebanon

والتفاؤل عدوى

  

يقتضي الإنصاف القول إنّ اللقاء الصحافي النقابي مع الرئيس سعد الحريري في السراي الكبير، أمس كان واحداً من أكثر المقابلات أهمية في هذه الآونة. وأيضاً من أكثرها تفاؤلاً. ولا أظنني أذهب بعيداً إذا أملتُ بأن يكون هذا هو الانطباع الذي خرج به الزملاء النقيب الأستاذ عوني الكعكي والأساتذة أعضاء مجلس النقابة.

 

اتسم الحوار مع دولته بكثير من الصراحة المبنية على نظرة موضوعية الى واقع هذا الوطن والإيمان بمستقبله وبديمومته.

 

ولن أتناول بالتفصيل، هنا، النقط المهمة جداً التي تحدث عنها الرئيس سعد الحريري بمسؤولية رجل الدولة المترفع عن الأنانية والفئوية والديماغوجية. فرئيس الحكومة كان يسترسل في الكلام أمامنا وقد ارتسمت على محياه أمائر الرجل الذي قرّر أن تكون حكومته جدية، فاعلة، رؤيوية، تحمل على عاتقها مسؤولية النهوض بوطن هو أمانة في أعناق الجميع، ومن باب أولى في عنق الحكومة والعهد.

 

لم نستشف من أقواله كلمة واحدة تنم عن حقد أو ضغينة أو تصفية حسابات. جانَبَ الجدالات العقيمة، بدا مؤمناً بدورٍ كان للبنان ويجب أن يعود إليه أو أن يُستعاد.

 

اعترف سعد الحريري بأنه مقبل على «قرارات صعبة». أكدّ على أن هذه القرارات ستُتخذ في إطار إجماع وطني. تمسّك بالتسوية الرئاسية. فالتحالف مع فخامة الرئيس العماد ميشال عون هو «زواج ماروني» لماذا؟ لأن مصلحة البلد تقتضيه. فلا يسعى أحدٌ لأن يتدخل أو يحاول.

لم يفته ذكر الخلافات التي وصفها بأنها «زكزكات» حتى إذا غابت هذه «المناوشات» (والتعبير لدولته) «ما بيكون لبنان… لبنان». وهو يراها ولا تسيئه. وقراره عدم التوقف عند الخطابات السياسية، لأن «واجبي أن أدوّر الزوايا».

 

وأما الفساد فلا هوية له… واستطراداً «بدنا نحارب الفاسدين ونقطة عَ السطر».

 

بواقعية صادقة تحدث الرئيس  سعد الحريري عن أزمة النازحين مؤكداً على وحدة الصف اللبناني إزاء النزوح، جازماً بأنّ أحداً لا يريد أن يوقف عجلة الحكومة. مكرراً تأييد المبادرة الروسية في هذا الشأن التي لم تؤيدها أي دولة غير لبنان. بدا رئيس الحكومة (حكومة «الى العمل») مصمماً على أنها جاءت لتعمل، وأنها عملت في الشهر والبضعة أيام التي أعقبت نيلها الثقة وحققت الكثير، وهي ستعمل الأكثر في طالع الأيام.

 

وبعد، أعترفُ، على صعيد شخصي، بأنني كنت أستمع الى رجل قبض على ناصية النضج وكأنّ المِحِن ومرارة التجارب التي كُتب عليه أن يواجهها وألقت على كاهله أعباءً ضخمة، منذ اغتيال الوالد الشهيد وحتى اليوم، قد صهرته في بوتقة الوطنية وصفاء الفكر والحزم في القرار.