Site icon IMLebanon

التفاؤل المصطنع  والمراوحة القاتلة

لم يعدُ هناك خبرٌ في البلد، هذه هي الحقيقة، ولو المُرَّة، ومُكابرٌ مَن يعتقد بغير ذلك، لأنه بذلك يكون يعيش على الأمنيات ولا يلامس الواقع بل يحاول أن يرسم سيناريوهات في غياب الوقائع.

الدليل إلى ما تقدَّم المعطيات التالية:

ما يُحرِّك الحياة السياسية في لبنان، رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب والسياسيون والحركة الحزبية والمجتمع المدني. فماذا نجد اليوم؟

رئاسة الجمهورية معطَّلة لأنَّ موقع رئيس الجمهورية شاغر، الحكومة معطَّلة لأنَّ لا جلسات لمجلس الوزراء، مجلس النواب معطَّل لأنَّ هناك مَن يرفض التشريع في غياب رئيس الجمهورية. السياسيون معطَّلون لأنَّ حركتهم السياسية غالباً ما تكون مرتبطة بالمواقع الثلاثة، تأييداً أو معارضة، وحين تكون هذه المواقع معطَّلة فهذا يعني أنَّ لا حياة سياسية في البلد.

الأمر نفسه ينطبق على الحياة الحزبية التي أصبحت حركة داخل جدران المقرات الحزبية، في غياب الإستحقاقات الإنتخابية سواء أكانت نيابية أم بلدية، فالنشاط الحزبي غالباً ما يتحرك في مواسم الإنتخابات، ولأنَّ هذا الإستحقاق الديمقراطي غائبٌ أو مؤجَّلٌ فإنَّ الحياة الحزبية في حالة تراخٍ. وهذا ما ينطبق على المجتمع المدني الذي يجد أنَّ حراكه في وضعٍ سياسي متجمِّد لا يُجدي نفعاً.

حتى الحركة النقابية انحسرت، فلا إجتماعات ولا مطالبات ولا إضرابات، الجميع في حال انتظار فماذا يعني كلُّ هذا الأمر؟

ليس صعباً التفتيش عن الجواب:

البلد في حالٍ من الإرهاق قلَّ نظيره، وآليات عمل النظام إما أنَّها معطَّلة وإما أنَّ هناك معوقات في وجه عملها، والنتيجة أنَّ البلد شارف على الإنهيار.

كنا نتمنى لو أنَّ كتابتنا تأتي في الإتجاه المعاكس، لكن الواقعية تحثُّنا على الإبتعاد عن الأمنيات والإقتراب من المعطيات المؤكدة، حيث لا معالجات خارج المؤسسات، وطالما أنَّ هذه المؤسسات معطَّلة فهذا يعني أنَّ كلَّ شيءٍ سيتعطَّل أو في طريقه إلى التعطُّل.

إنَّه الشلل الذي بدأ يدبُّ في كلِّ الجسم اللبناني وفي مختلف القطاعات، والشلل الرسمي يؤدي حكماً إلى شلل القطاعات الخاصة، فكيف يمكن للبلد أن ينطلق من جديد؟

يُفتَرض برئيس الحكومة تمام سلام أن يتخذ القرار الشجاع بالدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء ولمعاودة الجلسات، فثمة مَن يقول إنَّ الجلسات ستبقى معلَّقة طوال شهر رمضان المبارك، ولكن لا أحد قال للناس لماذا طوال شهر؟

وما الحكمة في ذلك؟

إذا كانت السياسة تحتمل شهراً من التعطيل، فمَن قال إنَّ الناس يستطيعون تحمل هذا الشهر من التعطيل؟

وهل الحكومة هي للسياسة فقط أم لشؤون الناس؟

المستقبل القريب جداً لا يوحي بالتفاؤل، فهل من مبادرة يُقدِم عليها رئيس الحكومة؟

الجميع ينتظرون منه الإقدام لأنَّ المراوحة في هذه الحالة ستكون قاتلة.